خرج فريق الوداد الرياضي بخُفيّ حُنين من النسخة الجديدة لكأس العالم للأندية، بعدما انهزم في مبارياته الثلاث أمام مانشستر سيتي ويوفنتوس والعين الإماراتي، مكتفيا بصفر نقطة في ختام دور المجموعات، ومُتذيّلا الترتيب في مجموعته. ورغم أن المشاركة المغربية كانت منتظرة من جماهير عريضة تعودت على حضور مشرف للكرة الوطنية في مثل هذه التظاهرات، إلا أن الواقع هذه المرة كان صادما، وكاشفا لهوة كبيرة بين طموحات الكرة الوطنية وقدرتها التنافسية على الصعيد العالمي.
هذه الهزيمة الثلاثية لم تكن مجرد إخفاق عابر، بل أعادت إلى الواجهة سؤالا بنيويا طالما تم التهرب منه: هل يمثل الدوري المغربي فعليا مستوى كرويا قادرا على المنافسة العالمية؟ وهل يمكن للأندية المحلية، التي تعتمد في غالبيتها على لاعبين من داخل البطولة، أن تترجم آمال الجماهير في المحافل الدولية، كما يفعل المنتخب المغربي الذي بات يعتمد بشكل شبه كلي على محترفين ينشطون في أقوى الدوريات الأوروبية؟
واقع الأمر أن مشاركة الوداد في هذا “المونديال المصغر” تُشبه، من حيث المردودية الفنية والنتيجة، مشاركات المنتخب المغربي في نسخ كأس العالم قبل مكسيكو 1986، حين كان يعتمد على لاعبين محليين بنسبة شبه مطلقة، ولم يكن قادرا على مجاراة نسق المنتخبات الكبرى. أما اليوم، فقد أثبت المنتخب الوطني، من خلال مونديال قطر، أن الاعتماد على المحترفين القادمين من بيئات احترافية عالية الجودة، هو السبيل لرفع سقف التطلعات وتحقيق الإنجازات.
وليس حال الوداد استثناءً، إذ غادرت جميع الأندية العربية والإفريقية مبكرًا من هذه النسخة، في مؤشر واضح على الفارق المتزايد بين مستوى هذه الأندية ونظيراتها من أوروبا وأمريكا اللاتينية، باستثناء تجربة الهلال السعودي التي تظل حالة خاصة لا يمكن القياس عليها.
بالمقابل، لا يبدو أن البطولة الوطنية، بكل ما تم ضخه فيها من إمكانيات في السنوات الأخيرة، قادرة على إنتاج فريق يستطيع مجاراة نسق أندية الصف الأول عالميا. بل إن الهوة التقنية والبدنية والفكرية بدت صارخة في لقاءات الوداد، ليس فقط أمام مانشستر سيتي ويوفنتوس، بل حتى أمام العين الإماراتي الذي يعكس مستوى دوري أقل جودة على الورق.
هذا الفارق في العطاء يدفع إلى إعادة التفكير في جدوى التركيز على الألقاب المحلية دون مراجعة جوهرية لمنظومة التكوين والاحتراف داخل الأندية المغربية. كما يطرح تحديا كبيرا على القائمين على الشأن الكروي الوطني، يتمثل في إيجاد التوازن بين تطوير البطولة والرفع من مردودها، وبين ضمان تمثيلية مشرفة في التظاهرات الكبرى، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات.
إن إخفاق الوداد، بقدر ما هو محبط، فإنه فرصة سانحة لإعادة قراءة واقع كرة القدم الوطنية، بعيدا عن لغة التجميل والمجاملات، والاقتراب أكثر من مراكز التكوين والبرمجة العلمية والاحتراف الإداري، كشرط للعبور إلى مصاف الأندية المنافسة، لا الحاضرة فقط.