إيلون ماسك.. رجل بألف رجل

بقلم: رشيد مصباح (فوزي)

العالم “الإنسانيّ المتحضّر” بما في ذلك حكومة (النتن ياهو)، في سباق مع الزّمن لأجل تحرير ما يسميه هو “رهائن” من قبضة المقاومة الفلسطينية (حماس)، باذلا في ذلك  كل جهوده مستخدما كل طاقاته وإمكانياته، متجاهلا في ذلك الإبادة الجماعية وما يجري في غزّة.

ولأن هذا العالم “الإنساني المتحضّر” كما يحلو لبعض منا تسميته، يخاف من الآلة الإعلامية التي تحاسبه على كل خطوة وغفوة، و على رهن مستقبله السيّاسيّ؛ هذه الآلة الرّهيبة التي تقود حربا هي أخطر بل وأقذر من التي يقودها (النتن يهو) ومن معه من المجرمين الفاشيين في غزّة.

هو العالم نفسه الذي لوقت طويل ظلّ يتهم الإسلام والمسلمين بالعنف والتطرّف، ويسخر من الحجاب الشرعي الذي ترتديه المسلمات، بل ويذهب إلى حدّ تحريض الأنظمة والحكومات على منعه، لأنّه بزعمه يسيء إلى سمعة وصورة الأنثى المعاصرة المتمدّنة؛ ويحدّ من حريّتها ويحطّ من كرامتها. هو الذي ـ هذا العالم نفسه ـ يغضّ الطرف عن المرأة الإنسانة وهي تتعرّض لأبشع أنواع القتل في غزّة.

في ظلّ هذا التناقض و هذا النّفاق، يخرج علينا إيلون ماسك؛ رجل لا علاقة له بالعروبة ولا بالإسلام، ليقول كلمة حق وهو مدرك لخطورة موقفه على مستقبله، فيتّهمه العالم “الإنسانيّ المتحضّر” بمعاداة السّاميّة؛ التهمة الجاهزة النّاجزة التي تستخدمها القوى الصهيو غربية ضد كل من يسمح لنفسه بكشف الحقائق وما يجري في الواقع.

ولم يصدر ولحد كتابة هذه السطور المتواضعة، موقف يجرّم ما يقوم به (النتن يهو) وحكومته من طرف أولئك الذين حضروا مكرهين  إلى الرياض وعلى مضض، و تململوا في خطابهم النمطيّ المعتاد، الذي تعوّدنا على سماعه منذ عشرات السنين.

لو يصحّ أن نجري مقارنة بين موقف (إيلون ماسك) الذي قد رهن مستقبله من خلال إدلائه ببعض التصريحات التي تفضح الصهاينة، وما لم يجرؤ هؤلاء القادة “السادة” من  الرؤساء والملوك مجتمعين، على القيام به، على الرّغم من الإمكانيات المتوفّرة، وكل الظروف مهيّأة ومناسبة للضّغط على هذا العالم “الإنسانيّ المتحضّر” كي يعيد حساباته بخصوص ما يجري في غزّة؛ من قتل وحشي للأطفال والنّساء والشيوخ، وإبادة جماعية يقوم بها (النتن ياهو) إرضاء لليمين الصّادي المتطرّف المتحالف معه. لو تصحّ المقارنة بين الرّجل وهؤلاء لقلنا إنّه كالفرق بين الثُّريا والثّرى.

هذا اليمين الذي كان قد تعرّض في بداية الأمر لبعض الانتقادات من طرف اليساريين في الغرب وخاصة من طرف البيت الأبيض، حينما تحالف معه (النتن يهو) حرصا منه على بقائه في الحكم وليُجنّب نفسه مطاردة القضاء بسبب قضايا الفساد.

لكن يبدو أن الذي قال “الكُفرُ كلُّه ملَّةٌ واحِدةٌ” على حق وصواب؛ فهذا العالم “الإنسانيّ المتحضّر” بارع في ممارسة أشكال الكذب والنّفاق بما في ذلك “فن” الضحك على الذقون؛ وبين البارحة واليوم، نسي هذا العالم أو تناسى كل خلافاته مع اليمين الصّادي المتطرّف ووضعها جانبا، بل وذهب إلى حد تبرير جرائمه البشعة التي لم تر البشرية مثلها منذ النّشأة الأولى.

سئمنا وكرهنا، وحتى دبّ اليأس فينا، من هذه الأنظمة التي تريد إيهامنا بأنها تبذل ما في وسعها من أجل خدمة الإنسان والقضايا العادلة، بينما هي في حقيقتها مجرّد أجهزة في يد نظام صهيوني عالمي يقوم بإبادة البشرية؛ تارة بنشر الأوبئة والأدوية واللقاحات الفاسدة، وتارة أخرى بإثارة الفتن وإشعال فتيل الحرب بين الشعوب والأمم.

اترك رد