الإتحاد الإشتراكي.. من النضال إلى “السياسية خصها لبوليتيك”…
بقلم: عمر المصادي

لم يكن حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية مجرد تنظيم سياسي كباقي الأحزاب، بل كان يمثل لعقود طويلة رمزا للنضال الوطني والتقدمي، وصوتا جريئا للديمقراطية والعدالة الإجتماعية في المغرب.
غير أن المتتبعين للشأن الحزبي المغربي اليوم يلاحظون بقلق أن هذا الحزب، الذي ولد من رحم الحركة الوطنية، قد فقد الكثير من وهجه، وتحول إلى لاعب باهت في مشهد سياسي يطغى عليه منطق الحسابات والمصالح الضيقة.
عبارة “السياسة خصها لبوليتيك”، التي بدأت تتردد في الأوساط الشعبية والسياسية على حد سواء، تختزل بشكل بليغ ما وصل إليه الحزب اليوم، إذ أصبح الإتحاد الإشتراكي في نظر الكثيرين حزبا يمارس السياسة من أجل السياسة، لا من أجل التغيير أو الإصلاح، وهو ما يتجلى في مواقفه المتذبذبة، وتحالفاته التي تثير الإستغراب، بل وحتى في خطابه السياسي الذي فقد نبرته النقدية القوية، لصالح مواقف باهتة تحاول فقط الحفاظ على وجود الحزب في المشهد دون إزعاج أحد.
هذا التحول ليس وليد اليوم، بل هو نتيجة تراكمات متعددة، من بينها غياب القيادات الكاريزمية ذات المصداقية، وابتعاد الحزب عن قاعدته الإجتماعية، خصوصا الطبقة المتوسطة والعمالية التي كانت تشكل عموده الفقري.
كما ساهم ضعف التنظيم الداخلي، وتراجع الديمقراطية الحزبية، في تقويض ثقة الكثير من المناضلين والمواطنين على حد سواء.
وقد كان من المفترض أن يستثمر الحزب تاريخه النضالي العريق، وتجربته السياسية الغنية، ليكون فاعلا أساسيا في تقديم بدائل حقيقية، خصوصا في ظل تزايد التحديات الإجتماعية والإقتصادية التي يعيشها المغرب.
غير أن واقع الحال يشير إلى عكس ذلك، إذ أضحى الحزب شبه غائب عن النقاش العمومي الجاد، ولا يرى حضوره إلا في مناسبات انتخابية أو في خرجات إعلامية لا ترقى إلى مستوى انتظارات المغاربة.
إن الإتحاد الإشتراكي، وهو يمر من هذه المرحلة الحرجة، مطالب بإجراء مراجعة شاملة لخطه السياسي، واستعادة موقعه الطبيعي كحزب يحمل مشروعا مجتمعيا تقدميا. أما الإستمرار في “السياسة خصها لبوليتيك”، فلن يؤدي إلا إلى مزيد من العزوف، ومزيد من فقدان الثقة في العمل الحزبي برمته.