رغم أن المنتخب الوطني المغربي حقق، مساء أمس الإثنين، فوزه الثاني عشر تواليًا في مباريات ودية ورسمية، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ “أسود الأطلس”، إلا أن الأداء أمام منتخب البنين، الذي انتهى بهدف وحيد، أعاد إلى الواجهة بعض الأسئلة المرتبطة بالنجاعة الهجومية والانسيابية في الأداء، خاصة عند مواجهة منتخبات أقل تصنيفًا.
وفي خضم هذا الترقب الجماهيري، يُلاحظ أن وليد الركراكي، الناخب الوطني، بات يميل في خرجاته الإعلامية الأخيرة إلى التفاعل المباشر مع ما يُتداول على منصات التواصل، سواء من انتقادات فنية أو تساؤلات حول مساره الأكاديمي والتكويني. وهي تفاعلات قد تكون مفهومة في سياق الضغط العام، لكنها تحمل في طياتها بعض المخاطر، لكونها قد تشتت التركيز عن الهدف الأساسي، وتُفسَّر أحيانًا كنوع من التوتر أو الرد الدفاعي.
ما تحقق إلى حدود الساعة، سواء في مونديال قطر أو من خلال سلسلة الانتصارات المتتالية، يؤكد أن الركراكي يملك مشروعا واضحا، ونجح في إعادة بناء الثقة داخل المجموعة الوطنية، وفي استعادة توازن الذهنية التنافسية للمنتخب. غير أن الحفاظ على هذا الزخم، وتطوير الأداء بشكل يواكب الطموحات الكبرى، يتطلب بالأساس هدوءًا وابتعادًا عن الدخول في ردود فعل تجاه كل تفاعل أو تعليق، خاصة في ظل طغيان منطق اللحظة في الفضاء الرقمي.
فالجماهير، بطبيعتها، لا تنفك تُعبّر عن رأيها، ما بين الدعم والنقد، لكن المدرب الوطني، باعتباره في موقع قيادة، مطالب بأن يجعل من عمله الميداني وتطور مستوى الفريق الرد العملي الوحيد. فالتاريخ، في نهاية المطاف، لا يُسجل الانطباعات، بل يحتفي بالمنجزات.
لذلك، فإن الأجدر اليوم أن يُبقي وليد الركراكي بوصلة تركيزه موجّهة نحو ما يبنيه داخل المجموعة، مستندًا إلى ما تحقق من نتائج غير مسبوقة، دون أن يسمح لتفاعلات ظرفية أن تؤثر في مساره أو تحجب عنه الرؤية الكبرى. فالمنتخب المغربي أمامه تحديات أكثر أهمية من الدخول في جدل تواصلي، والتاريخ في النهاية لا يقف كثيرًا عند الانفعالات العابرة، بل يثمّن صبر البناء ومتانة الاختيارات.