العشوائي ليس من عناوين الدولة الحديثة

بقلم: سعيد عتيق

ارتبطت ظاهرة البناء العشوائي بالمغرب تاريخيا بعهد الحماية الفرنسية( 1912) بشكل عام.
فالمد الإمبريالي فرض إنشاء الموانئ ومحطات القطار في كثير من المدن وخلق منشآت صناعية ووحدات إنتاجية كان كفيلا باستقطاب اليد العاملة من البوادي التي كانت تعاني قراها وأريافها من الهشاشة ناهيك عن سنوات الجفاف المتعاقبة.
هذه المعطيات والإكراهات تعد أسباب موضوعية لظهور ما يسمى بالبناء العشوائي.
بمعنى كانت الظاهرة استجابة لظروف تاريخية طبيعية سياسية واجتماعية (الله غاااالب)
ولم تكن الظاهرة حينئذ بمفهومها الحالي المتخن بتداعيات ومسببات قد تكون لا أخلاقية بالدرجة الأولى.
فامتلاك براكة او زريبة قوامها القصدير وألواح من الخشب مع ضمان شغل وكسب ربح مالي كأجرة يومية او أسبوعيا كل هذا يعتبر امتيازا ومكسبا مهما فتلك الحقبة الداكنة أوائل القرن العشرين،
والبراكة ساعتها أفضل من العيش وسط نوالة أو عشة يقتسمها مع البرغوث والبق والعقارب والأفاعي في البادية الجائعة والمنسية.
وعليه، فبراريك عهد الحماية قد نتفهم دواعي نشأتها ونستسيغ انتشارها حينئذ.
لكن، ماذا عن العشوائي بعد فترة الإستقلال بقليل؟
هل نقول؛ الله غالب ونعمل على تدوير مبررات نشأة الظاهرة العشوائية أم وجب علينا تشريح هذه الظاهرة الفجة ونضع أصبعنا على مكامن الإختلالات لنقف على الحقيقة المرة التي لها فاعلون عن عمد وسبق الإصرار.
وبالعودة إلى عهد الحماية الفرنسية نجد المعمر سن وفرض مجموعة من الإجراءات في مجال التعمير بهدف توحيد المجال الوطني وخلق أحياء مدينة خاضعة لقوانين حديثة في التنظيم والتدبير المجالي.
والدولة المغربية سارت على نفس درب الحداثة في مجال التشريع وتقنين البناء والتوسع العمراني كتصميم التهيأة لتي تعتبر وثيقة تنظيمية أساسية تحدد قواعد الإستعمال الأرضي داخل المجال الترابي الذي تغطيه.
هذه الإجراءات الإدارية والقانونية فرضتها الحتمية والدراسات المستقبلية التي تبشر في حدود 2050 سيستقر بالمدن عالميا ثلثي سكان المعمور.
لكن، إلى أي حد استطاعت الدولة المغربية أجرأة الترسانة القانونية والتشريعات في مجال التعمير؟
سوف نقفز على فترات تاريخية ونحط الرحال في2004، تاريخ الإعلان على برنامج “مدن بدون صفيح”
لماذا لم تنجح الدولة في امتحانها وهي التي وضعت أسئلة فروضه الكتابي والشفوي؟
ولماذا لم ينعم كثير من المواطنين بأثر الفصل 31 من الدستور المغربي الضامن علانية “الحق في السكن اللائق” مع تيسير سبل الحصول عليه؟
القليل من الجواب تضمنه التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات الذي تم رفعه بين يدي الملك والذي رصد عدة اختلالات في تنفيذ البرنامج الوطني الموعود، حيث 78/100 فقط هي نسبة الأسر المستفيدون الأصليون (ومنين جاااتت البقية ياترى وكيف استفادت؟)
إضافة إلى الصعوبات بعد الترحيل لأن ثمة جملة من الثغرات ناهيك على أن 10.000 أسرة تلتحق بالسكن غير اللائق حسب التقرير طبعا،
وهنا نقول؛
فين غاادين يمشيو هااد الناس… إن لم نعالج حالاتهم ونلحقهم بالمستفيدين من السكن.
إن ملف العشوائي بشكل عام تتحمل الدولة كامل المسؤولية فيه بإداراتها ورجالاتها الترابيين لأننا نعيش في دولة لها قوانين وتحكمها ضوابط المسؤولية.
وكم نادينا بتحصين ملف إعادة إيواء سكان كريان سنطرال ومعالجته بواقعية كبيرة وبسطنا خطة طريق وعرضناها على جميع المسؤولين بما فيهم وزير الداخلية حينئذ وإذ تلقى مبادراتنا ترحيبا وتنويها يكون واقع الحال في واد آخر والدليل لحد الساعة لازالت أسر تعيش الضياع والتشرد لاااا براكة ولا بقعة….
إن العشوائي الذي أزكم النفوس لا يقتصر على استنبات براكة بل العشوائي الخطير هو الذي تناثرت جمراته وتطاير لهيبه في سماء أكثر من مدينة؛ مراكش الدار البيضاء برشيد وغيرها من الضواحي التي باتت مشتلا ليس للبراريك التي تأوي تحت قصديرها المحرومين بل الطامة الكبرى هي المستودعات والمعامل والورشات الصناعية التي يكلف بناؤها وتشييدها ملايين الدراهم وتمتد على مساحة آلاف الأمتار إن لم تكن آلاف الهكتارات، وبادية للعيان وأنت في المحمدية وهي مترامية في ضواحي البيضاء وربما تلوح لك زرقتها من مدينة القنيطرة.
من المسؤول ياترى؟
هل عون السلطة أم القائد أو رئيس الدائرة؟
أليس للسادة العمال مسؤولية في استفحال الظاهرة ؟
علما أن المداخيل المالية تفوق ارباح شركة كوزيمار ولوسيور واااخااا زاادت فيه لأن تلك المستودعات خداااما فااااااا …
ني ضريبة ني سينيسيس ني آسيرانس ني غياااه دي توووو ..
فقط تخصصها صناعة الماااال وربح المااال بعيدا عن أنظار المؤسسات المالية ذات الرقابة.
أليست هذه مافيات كولومبيا والسالفادور؟
أليس أصحابها ومالكوها أباطرة على نهج بابلو إيسكوبار؟
إن العشوائي المستفحل يجب أن يصد بالجهات المكلفة بمعاينة المخالفات وكيفية التبليغ سواء من طرف أعوان السلطة التابعين للإدارة الترابية او الوكالة الحضرية ومصالح الجماعات والمقاطعات واتخاذ التدابير اللازمة وتحرير محاضر للنيابة العامة من أجل ترتيب الآثار القانونية طبقا للنصوص القانونية والتنظيمية التي تهم قطاع التعمير.
علاااش منقدروش نعملو هاااد الشي؟
ياك المغرب دولة أم نفتقد لروح الإدارة المسؤولة؟

اترك رد