لا تنفك الحياة الطلابية داخل المدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بالرباط تزدان بفعاليات ومسابقات نوعية تعكس ما يزخر به طلبتها من طاقات إبداعية ومهارات أكاديمية ورياضية وفنية، تُترجم انخراطًا مسؤولًا في مختلف القضايا المعاصرة، وتعكس حرصًا جماعيًا على ترسيخ قيم التميز والابتكار والعمل الجماعي.
فبعيدًا عن الطابع النمطي للمسابقات، تُمثل هذه المحطات التنافسية لحظات حية لصقل المهارات، وتدريب الطلبة على حل المشكلات، والعمل ضمن فرق متعددة التخصصات، والاحتكاك بعالم المشاريع والمبادرات. وفي هذا السياق، شهد الموسم الجامعي 2024-2025 تنظيمًا ومشاركة لافتين في عدد من المسابقات، المحلية والوطنية والدولية.
مسابقات احتضنتها المدرسة: من التنظيم إلى الريادة
في ماي 2025، احتضنت المدرسة النسخة السابعة من تظاهرة “أولمبياد المدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بالرباط” التي امتدت بين 16 و18 ماي تحت شعار “إبداع: الرياضة والروح المبدعة”، وبرز فيها البعد التجديدي من خلال إدماج صنف جديد ضمن المسابقات، ويتعلق الأمر بالألعاب الإلكترونية E-gaming، إلى جانب عروض فنية متنوعة قدمها طلبة المؤسسة في إطار مسابقة “ENSAM’s Got Talent”، ما أعطى للتظاهرة طابعًا شبابيًا منفتحًا على اهتمامات الجيل الجديد.
وفي مارس 2025، نظم نادي Enactus ENSAM Rabat المسابقة الداخلية السنوية ACTIONEERS، والتي عرفت مشاركة قوية لمشاريع طلابية تهدف إلى تحقيق أثر اجتماعي مستدام، وتُوّج خلالها مشروع Crafty Touch بالرتبة الأولى، بينما احتل مشروع Ecospaces الرتبة الثانية، ومشروع Revivre المرتبة الثالثة.
أما في فبراير 2025، فقد استضافت المدرسة النسخة الثانية من أسبوع الروبوتيك المغربي، الذي ضم مسابقات وطنية متنوعة، منها LOOP وFirst Tech Challenge Morocco، إضافة إلى مسابقة ENSAM Makers Competition التي نظمت في اليوم الختامي، وتميزت بمباراة في كرة القدم بين روبوتات صمّمها الطلبة بأنفسهم. وساهم نادي RobotiCore بشكل أساسي في الإشراف على هذه التظاهرة، ما يعكس الحيوية التي يعرفها العمل الطلابي داخل المدرسة.
وفي نفس الشهر، شهدت المدرسة تنظيم نهائي مسابقة Hult Prize ENSAM، التي تعتبر محطة بارزة في المسابقات العالمية المخصصة للمبادرات الطلابية في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية. وفاز فريق Foodprint بالرتبة الأولى، بينما جاءت فِرق DeafBlind وNatami في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي.
وفي دجنبر 2024، احتضنت المدرسة بشراكة مع مؤسسة “إنجاز المغرب” ومجموعة القرض الفلاحي للمغرب، فعاليات Innovation Camp الذي جمع أكثر من 100 طالب وطالبة في ورشات مكثفة، مكنت المشاركين من العمل ضمن فرق متعددة التخصصات، وتقديم حلول واقعية لمشاكل واقعية، حيث فاز مشروع Taymate بالجائزة الأولى، متبوعًا بمشروع Jarid، ثم مشروع Alf Lab في المركز الثالث.
كما شهد ماي 2024 تنظيم المدرسة للدورة الثانية من المسابقة الإفريقية للروبوتيك CAR، التي عرفت نجاحًا كبيرًا، حيث شارك فيها عدد من الفرق الإفريقية، وتميزت بحضور وازن للأطفال والشباب المهتمين بالتقنيات، وشاركت فرق طلابية في مسابقات متعددة، مثل تعقب الخط وتفادي العقبات وكرة القدم، إلى جانب ورشات تكوينية لفائدة التلاميذ، وفاز بالمرتبة الأولى فريق Tangier Warriors من IFMIA طنجة.
مشاركات مشرفة وجوائز وطنية ودولية
لم يقتصر حضور المدرسة على التنظيم فحسب، بل برزت بشكل قوي في عدد من المسابقات الخارجية:
في ماي 2025، فازت الطالبة رجاء التورا بالمرتبة الأولى في المسابقة الوطنية Robotica Connect المنظمة من قبل ENSA تطوان، بمشروع تقني موجه لفائدة الأشخاص المكفوفين.
وفي نفس الشهر، أحرز فريق RobotiCore التابع للمدرسة المرتبة الثالثة في المسابقة الوطنية للروبوتيك المنظمة من طرف UM6P بابن جرير، بعد مشاركة متميزة أظهرت تطورًا لافتًا في الجانب التكنولوجي والتطبيقي.
وفي أبريل 2025، توجت الطالبة غزلان زعير بالمرتبة الأولى في مسابقة الخطابة Eloquencia التي نظمتها ISCAE الدار البيضاء، كما حصدت الطالبة كوثر الشهبوني المرتبة الثانية في المسابقة نفسها.
كذلك، تميز فريق The Great Debaters بالمدرسة بحصوله على المرتبة الأولى في مسابقة Doukkala Debate Congress المنظمة من قبل ENSA الجديدة.
وفي فبراير 2025، أحرزت المدرسة لقب البطولة في صنف Valorant ضمن أولمبياد INPT، كما حصل فريقها على المرتبة الثالثة في مسابقة كرة السلة.
أما في أكتوبر 2024، فقد حصدت الشركة الطلابية Glove Voice، الجائزة الكبرى لمجموعة AL MADA، إلى جانب جوائز في الابتكار والبحث والتطوير من طرف Boeing وManagem، وتم اختيارها لتمثيل المغرب في النسخة المقبلة من مسابقة MENA YEC بدبي.
وفي يوليوز 2024، نالت المدرسة الجائزة الأولى في المسابقة الجهوية لأفضل شركة طلابية، ضمن برنامج Injaz Morocco.
وفي يونيو 2024، فازت المدرسة بالرتبة الثانية على الصعيد العام، والأولى على مستوى فئة الطلبة، في مسابقة Solar Decathlon Africa التي احتضنها GSBP ببنجرير، بإشراف الأستاذ بَاه، حيث تمحور المشروع حول بناء بيت صديق للبيئة يعتمد على الطاقة الشمسية.
أما في مارس 2024، فقد تُوج طلبة المدرسة بالجائزة الأولى لأفضل مشروع في Hackathon Water4Life الذي نظمته شركة REDAL، بفضل مشروعهم المبتكر الذي استهدف معالجة مشكل ندرة المياه.
دينامية لا تنفصل عن مشروع تربوي متكامل
إن هذا الزخم اللافت من التظاهرات والمشاركات لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة عمل مؤسساتي مستمر، يشجع المبادرة الطلابية، ويحتضن الطاقات، ويجعل من المسابقات رافعة للتكوين العملي وتجويد الأداء الأكاديمي.
وفي هذا السياق، تبرز المسابقات الطلابية باعتبارها أحد أبرز ملامح دينامية المدرسة، لما تتيحه من فرص للطلبة لتحدي ذواتهم، وتوسيع آفاقهم، والعمل الجماعي ضمن فرق متكاملة، فضلًا عن الانفتاح على شبكات وازنة من الفاعلين المهنيين والخبراء.
فكل مشروع أو فكرة شارك بها الطلبة، وكل جائزة أحرزوها، تعكس مدى نضج التصور البيداغوجي الذي يجعل من المهندس فاعلًا اجتماعيًا، إلى جانب كونه مبدعًا تقنيًا.
