بالواضح
مع اقتراب موعد انطلاق كأس أمم أفريقيا التي يحتضنها المغرب بعد ثلاثة أشهر، يبدو أن المنتخب الوطني يعيد نفسه إلى نفس الحلقة التاريخية من الأخطاء النفسية والإعلامية. تصريحات المسؤولين الإعلامية وتصريحات بعض اللاعبين أو مسؤولي الجامعة حول أحقية الفوز باللقب القاري قبل انطلاق البطولة تضع الفريق في مواجهة ضغط نفسي غير واقعي، قد يتحول إلى عائق حقيقي أمام الأداء الفني.
المشكلة لا تكمن في الطموح أو الثقة بالنفس، بل في توقيت هذه التصريحات وطبيعتها المبالغ فيها. التاريخ الرياضي المغربي يزخر بمواقف شهد فيها المنتخب انهيارات مفاجئة أمام فرق أقل خبرة، ليس بسبب نقص في المستوى الفني، بل نتيجة ثقل التوقعات المسبقة التي تولدت عن الإعلام والجهات الرسمية. هذه الظاهرة تولد شعورًا بالتوتر بين اللاعبين والجهاز الفني، وقد تدفع الفريق إلى اتخاذ قرارات متسرعة أثناء المباريات، سواء على مستوى التشكيل أو الاستراتيجية، تحت ضغط إثبات الجدارة قبل أن تُختبر على أرض الواقع.

الإعلام، بدل أن يركز على دعم إعداد الفريق وتحفيزه داخليًا، غالبًا ما يساهم في تضخيم الصورة وإيهام الجمهور بأن اللقب قريب المنال، وهو ما يضاعف العبء النفسي على اللاعبين. في المقابل، الإدارة التقنية مطالبة بمهمة شاقة؛ إدارة الحالة النفسية للاعبين، ضبط الطموحات، وإيجاد التوازن بين الحافز والتحفيز المفرط، وكل ذلك في سياق ضغوط جماهيرية وإعلامية متزايدة.
الأداء الأمثل لأي فريق رياضي يبدأ من الداخل، وليس من التصريحات أو الحملات الإعلامية. التحدي الحقيقي للمنتخب المغربي يكمن في القدرة على التعامل مع هذه التوقعات المبالغ فيها، وتحويلها إلى دافع إيجابي، بدل أن تتحول إلى عبء يعيق الأداء الطبيعي ويزيد من احتمالية الفشل في المباريات الأولى. التاريخ يعلمنا أن المنتخبات التي سقطت ضحية هذه الضغوط لم يكن ضعفها الفني السبب، بل انهيارها النفسي تحت وطأة توقعات مبكرة وغير واقعية.