الوزير ميراوي ينهي الحق في التسجيل دون قيد أو شرط ابتداء من شتنبر 2023

بقلم: عبدالحق غريب

يعاني الطلبة حاملي شهادة الباكالوريا منذ سنوات من الظلم والشطط في استعمال السلطة بالعديد من الكليات ذات الولوج المفتوح، وذلك بحرمانهم من حقهم في التسجيل دون أي سند قانوني، سواء حاملي شهادة الباكالوريا جديدة بالنسبة للتسجيل في بعض المسالك (الانجليزية والفرنسية والاقتصاد…)، أو حاملي شهادة الباكالوريا قديمة.

ورغم أن الطلبة يحتجون ويخوضون إضرابات عند كل دخول جامعي، مع ما يترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية على بداية السنة الجامعية والسير العادي بالمؤسسات، بل عدد منهم لجؤوا إلى القضاء وأنصفهم، فإن حرمانهم من حقهم في التسجيل دون أي سند قانوني يتكرر كل سنة إلى حدود 2022-2023، وهو آخر عام من عمر الإصلاح البيداغوجي المنتهي.

مع مجيء الإصلاح البيداغوجي الجديد، كان الجميع ينتظر من الوزير ميراوي أن ينهي معانات الآلاف من الطلبة وأن يحسم في مشكل التسجيل. لكنه للأسف الشديد، جاء ليضع ويقنّن شروطا وإجراءات للتسجيل بالمؤسسات ذات الولوج المفتوح ابتداء من شتنبر 2023، بعدما كان التسجيل دون قيد أو شرط. وبذلك يمكن القول أن الوزير ميراوي جاء ليُقْبِر المؤسسات ذات الولوج المفتوح، لتحُلّ محلها المؤسسات ذات “الولوج المشروط”.

كيف أجهز الوزير ميراوي على حق الطلبة في التسجيل دون قيد أو شرط بالمؤسسات ذات الولوج المفتوح؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال وتوضيح الفرق بين الإصلاح القديم والإصلاح الجديد فيما يخص شروط التسجيل، لا بأس من الوقوف ولو سريعا عند الفرق بين الطالب اليوم والطالب بالأمس.

في هذا السياق، أكاد أجزم أن كل من عاش الحياة الطلابية قبل تسعينيات القرن الماضي تجده اليوم يتحسر على الوضع المقلق الذي وصلت إليه الحركة الطلابية وما آل إليه مستوى الوعي والحس بالمسؤولية لدى الأغلبية الساحقة من الطلبة، حيث يلاحَظ غياب اهتمام الطلبة بالإصلاح البيداغوجي الجديد وغياب النقاش حول مضامينه، وكأنهم غير معنيون البتّة بهذا الإصلاح وبمستقبلهم.

مؤسف جدا أن يغيب الاهتمام والنقاش بين الطلبة حول موضوع يهم مستقبلهم ومستقبل الجامعة العمومية، في الوقت الذي كان فيه الطلبة بالأمس القريب يناقشون، ليس فقط هموم الطلبة والإصلاحات التعليمية، بل كانوا يهتمون بأحوال وهموم الشعب المغربي والشعوب المضطهدة، ويناقشون الوضع السياسي وطنيا واقليميا ودوليا.. كان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب يناقش ويحلل وينتقد سياسة الدولة وقراراتها اللاشعبية، ويفضح مخططات وأهداف الامبريالية الأمريكية والحركة الصهيونية والمؤسسات المالية (صندوق النقد الدولي…)، ويصدر بيانات تنتقد النظام السياسي والحكم الفردي، ويعقد مؤتمرات كانت تحبس الأنفاس في البلاد…

كيف لا يتحسر من عاش تجربة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب قبل تسعينيات القرن الماضي وهو يُلاحِظ اليوم أن مدرجات الكليات تمتلأ عن آخرها بالطلبة العلميين وهم يتابعون فقيها يحدثهم عن الرقية الشرعية ويغرس فيهم تقافة الخرافة، عوض أن يتابعوا عروضا حول السياسة التعليمية الممنهجة وإصلاح التعليم العالي، ومحاضرات فكرية وعلمية ويناقشوا المخططات التي تستهدف مستقبلهم ومستقبل الجامعة العمومية وما إلى ذلك.

للجواب على السؤال : كيف أجهز الوزير ميراوي على حق الطلبة في التسجيل دون قيد أو شرط بالمؤسسات ذات الولوج المفتوح، لا بُدّ من التذكير أن حق الطالب في التسجيل دون قيد او شرط بالكليات ذات الاستقطاب المفتوح (كلية العلوم، كلية الآداب، كلية الحقوق والكلية متعددة التخصصات…) منصوص عليه في دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الإجازة لسنة 2014، بمثابة قانون، سيما الضابطة 3 منه (ن د 3) المتعلقة بشروط الولوج، والتي جاء فيها ما يلي :

“تفتح تكوينات الإجازة في الدراسات الأساسية على مستوى الفصل الأول في وجه حاملي الباكالوريا أو دبلوم معترف بمعادلته لها…”

ويتبيّن من خلال هذه الفقرة من الضابطة 3 أن حامل الباكالوريا له الحق في التسجيل في الفصل الأول من السنة الأولى دون أي شرط.. يكفيه فقط شهادة الباكالوريا ليختار المسلك الذي يريد أن يتابع فيه دراسته العليا (مسلك الانجليزية على سبيل المثال).

أما دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الإجازة الجديد (2023)، فإن الضابطة 4 منه (ن د 4)، المتعلقة بشروط الولوج تنص على ما يلي :

“تفتح تكوينات الإجازة على مستوى الفصل الأول في وجه الحاصلين على شهادة الباكالوريا أو دبلوم معترف بمعادلته لها. ويكون التوجيه بناء على اختيارات حاملي البكالوريا، ونوع شهادة الباكالوريا، والنقط المحصل عليها في الباكالوريا والمتعلقة بالمواد المميزة للمسلك، وذلك وفق الشروط والإجراءات المحددة في الملف الوصفي للمسلك المراد التسجيل به…”

وحسب مقتضيات الضابطة 4 المشار إليها أعلاه، فإن التسجيل في أي مسلك بالفصل الأول من السنة الأولى بجميع الكليات ذات الولوج المفتوح، بات يتطلب ابتداء من شتنبر 2023 شروطا وإجراءات يحددها الملف الوصفي للمسلك.. وهذا هو الجديد الذي جاء به الوزير ميراوي في ما يتعلق بشروط الولوج.

وهنا يحق لأي طالب أن يطرح السؤال التالي:
إذا كانت بعض المؤسسات ذات الولوج المفتوح تمارس الشطط في استعمال السلطة وتَحرم كل سنة العديد من الطلبة من حقٍّ يكفله لهم القانون، ألا وهو الحق في التسجيل دون قيد أو شرط، فأي شطط في استعمال السلطة قد تمارسه هذه المؤسسات والإصلاح الجديد يضع ويقنّن شروطا وإجراءات للتسجيل؟
ومن حق أي طالب كذلك أن يتساءل عن مآل الطلبة الذين يحصلون على معدلات ضعيفة في الباكالوريا، وهل سيكون مصيرهم هو الشارع ؟
نعم من حق أي طالب أن يطرح هذا السؤال الأخير لأن الضابطة 4 من دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الإجازة الجديد تنص بصريح العبارة على أن توجيه الطالب يكون وفق الشروط والإجراءات المحددة في الملف الوصفي للمسلك المراد التسجيل به، ضمنها شرط النقط، المحصل عليها في الباكالوريا والمتعلقة بالمواد المميزة للمسلك، وهنا مربط الفرس.

اترك رد