باحثون يؤكدون في الرباط: لا مستقبل للتعليم دون قيم



وقد اختُتمت الجلسة الافتتاحية بكلمات طبعتها روحالاعتراف بقيمة التكامل بين المؤسسات، وبنَفَس وطني عميق يدعو إلى تمتين جسور التعاون بين الجامعةوالزوايا والمؤسسات القيمية، في أفق بناء مشروع قيميوطني أصيل، جامع، ومستقبلي.
في الجلسة العلمية الأولى، قدّم الدكتور سعيد هلاويمداخلة وازنة حول الجامعة بوصفها مؤسسة نموذجية فيترسيخ القيم، مؤكداً أن دور الجامعة يتجاوز التعليم نحوالتكوين القيمي للمواطن، مشيرًا إلى الحاجة الماسة إلىتجديد العلاقة بين الجامعة والزوايا في إطار من التعاونوالتكامل.
كما تناول الدكتور عبد المغيث بصير بالدراسةوالتحليل الدور التاريخي للزاوية البصيرية في نشر القيموالأخلاق، مستعرضاً مساهماتها في بناء الإنسانالمغربي المؤمن بوطنه، والمتمسك بثوابته الدينية. أماالدكتور محمد نصيحي فقد قدم مداخلة متميزةبعنوان “مظاهر التكامل بين الجامعة والزوايا“، دعا فيهاإلى بناء شراكات علمية وروحية تحفظ الهوية وتعززالانتماء.
وفي سياق الجلسة العلمية ذاتها، قدّم الأستاذ حسن الطويل، الباحث في سلك الدكتوراه، مداخلته الموسومة بـ”المؤسسات العلمية التربوية ودورها في بناء القيم”، تناول من خلالها إشكالية تراجع المنظومة القيمية في المجتمع المعاصر، محذرًا من انعكاساتها السلبية على التماسك الاجتماعي والسلوك العام. واعتبر أن أزمة القيم الراهنة هي في عمقها أزمة تربية، تستدعي إعادة الاعتبار للمؤسسات التعليمية والتربوية بصفتها الحاضنة الطبيعية لبناء الوعي الأخلاقي والوطني. كما شدّد على أهمية التكامل بين المؤسسات الحديثة والتقليدية، ولا سيما الزوايا، لما لها من رصيد روحي وتربوي أصيل، داعيًا إلى مراجعة السياسات التربوية بما يجعل من سؤال القيم مدخلًا لكل إصلاح تنموي ومجتمعي.وتواصلت أشغال الندوة بجلسة علمية ثانيةخُصصت لقراءة تربوية صوفية في أطروحة “ معالم التربية السلوكية في تجربة العلامة الشيخ محمد المصطفى ماء العينينقدّمها الدكتورعبد الهادي السبيوي ، حيث بسط معالم التصوفالسني كمدرسة للقيم السلوكية والروحية المؤسسة علىالتزكية والتدرج، مبرزًا كيف أن هذه التربية تسهم فيبناء الإنسان القيمي الواعي.
كما شهدت الجلسة ذاتها مداخلتين نوعيتين لكل منالدكتورة النجاة ماء العينين، التي تناولت مفاهيمالأخوة والسمو الروحي في التجربة التربوية الصوفية، والدكتور سعيد هلاوي الذي قارن بين هذا النموذجالصوفي ومدارس التصوف الكبرى في التراث الإسلامي.
الجلسة الختامية كانت بامتياز لحظة تأمل في مسار رجلمن رجال القيم والوطن، المقاوم محمد بصير، من خلالعرض وثائقي توثيقي شيق بعنوان “محمد بصير… القصة الحقيقية“، سلط الضوء على شخصيتهالنضالية وتكوينه العلمي وانخراطه في مشروع وطنيقيمي مقاوم.
وقد تخللت الندوة لحظات تكريم وعرفان، تم خلالها توزيع الشهادات والدروع، بعدها تمت قراءة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى السدة العالية بالله، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله،واختمت أشغال اللقاء العلمي بالدعاء الصالح لأميرالمؤمنين، في أجواء امتزج فيها العلم بالوفاء، والتاريخ بالروح، والوطنية بالإيمان.