بعد أزيد من12 قرن. فاس تواصل المحافظة على عراقتها

تواصل مدينة فاس التي مر على تأسيسها 1208 من السنوات المحافظة على عراقتها بنفس الهمة والإرادة التي تتملك المشرفين عليها من اجل التطلع نحو المستقبل.

 وذلك عبر تنفيذ أوراش ومشاريع كبرى تروم تحقيق التنمية وتحسين جودة عيش الساكنة . ولم تتردد هذه المدينة العريقة التي تعد أقدم مدينة تاريخية وحضارية بالمغرب وأعرق حاضرة احتضنت الإسلام في تعبئة كل الموارد والإمكانيات من أجل إعطاء دفق جديد لماضيها الثري وإطلاق مشاريع كبرى لترميم وصيانة معالمها التاريخية العريقة وموروثها المعماري والحضاري الغني والمتنوع.

ولتحقيق هذه الغايات تم إطلاق ورش كبير لترميم المعالم التاريخية ومعالجة البناء المهدد بالانهيار بالنسيج التاريخي الذي تزخر به المدينة القديمة والذي بلغ سرعته القسوى مع الانتهاء مؤخرا من ترميم وإنقاذ مجمل المآثر والمعالم التاريخية التي كانت قد انطلقت الأشغال بها قبل مدة من الآن والبالغ عددها 26 مشروعا.

وحسب وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس، فإن برنامج ترميم المعالم التاريخية بالمدينة العتيقة لفاس قد قطع أشواطا كبيرة بفضل العناية الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذا الورش وكذا بفضل الجهود المبذولة من طرف جميع المتدخلين سواء على الصعيد الوطني أو المحلي.

ومن بين المعالم التاريخية والمآثر العمرانية التي تم ترميمها في إطار هذا الورش الكبير مجموعة من القناطر العتيقة والفضاءات والمعالم الحضارية التي تختزل غنى وتنوع فن المعمار المغربي من بينها برج سيدي بونافع وبوطويل والنفارة ومكتبة القرويين وقنطرتي الخراشفيين والطرافين بالإضافة إلى ضريح سيدي حرازم وأسوار باب المكينة وجنان الدرادر وفندق عشيش، فضلا عن المدابغ التقليدية كعين زليتن وسيدي موسى والشطر الأول من دار الدبغ شوارة إلى جانب بعض المدارس العتيقة كالسباعيين والصفارين والمدرسة المصباحية وغيرها.

وحسب نفس المصادر، فإن مدبغتين من أصل ثلاثة مدابغ تتواجد بالمدينة العتيقة لفاس بالإضافة إلى الشطر الأول من دار الدبغ شوارة والتي خضعت جميعها لعمليات ترميم وإعادة تأهيل شاملة قد دخلت الخدمة وعاد إليها الحرفيون والصناع التقليديون الذين يمارسون مهنهم في ظروف ملائمة بينما تتسارع أشغال الترميم والتأهيل في الشطر الثاني المتبقي من دار الدبغ شوارة.

ويهم البرنامجان الخاصان بترميم المعالم التاريخية ومعالجة البناء المهدد بالانهيار بالنسيج التاريخي لمدينة فاس الذي خصص لهما غلاف مالي يفوق 615 مليون درهم والذي يمتد على مدى خمس سنوات ( 2013 / 2017 ) ترميم 27 من المعالم والمآثر الحضارية والمواقع التاريخية المبثوثة بالمدينة العتيقة داخل الأسوار بالإضافة إلى معالجة التدهور الذي طال حوالي 4000 بناية مهددة بالانهيار من بينها 1729 توجد في مراحل متقدمة من التدهور والتردي، بالإضافة إلى ترميم مجموعة من المدابغ التقليدية والقناطر والفنادق والمدارس العتيقة يعود تاريخ بنائها إلى القرنين 13 و 14.

وإلى جانب الاهتمام بالنسيج المعماري والحضاري للمدينة العتيقة لفاس وترميمه من أجل حفظ الذاكرة الجماعية وتثمين هذا الموروث التاريخي لضمان استمرارية وظائفه اهتم مسؤولو العاصمة الإدريسية بتوفير شروط إقلاع اقتصادي ودينامية تليق بتاريخ وحجم هذه المدينة وأدوارها التاريخية في تنمية ودعم النسيج الاقتصادي الوطني.

ولتحقيق هذا المبتغى كانت مدينة فاس ضمن أول المدن المغربية التي حظيت باعتماد برامج جهوية للتنمية في أهم القطاعات المنتجة خاصة في مجالات السياحة والصناعة التقليدية والصناعة.

ومكنت عدة مشاريع كبرى تم تنفيذها بالمدينة كمجمع ( فاس شور ) الذي يعد الفضاء الثالث من نوعه بالمغرب ضمن شبكة المجمعات المندمجة المخصصة لأنشطة الخدمات المعلوماتية ومشاريع صناعية أخرى ذات قيمة مضافة كبيرة من إعطاء دفعة قوية لمسلسل تنمية المدينة.

وكلف مشروع ( فاس شور ) الذي هو فضاء مهمته القيام بدور المحرك للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية بالجهة وكذا ملتقى جهويا للطاقات غلافا ماليا بلغ 2 ر1 مليار درهم.

ويعد فضاء ( فاس شور ) منشأة تضاهي كبريات الوجهات العالمية المخصصة لترحيل الخدمات باعتباره ساهم في توفير حوالي 15 ألف منصب شغل كما جعل من مدينة فاس سوقا لجذب كبريات المقاولات الأجنبية إضافة إلى كونه الفضاء الأول من نوعه الذي يقام خارج محور الرباط الدار البيضاء.

ومكن هذا الفضاء الذي يمتد على مساحة إجمالية تقدر ب 22 هكتار ويتضمن فضاءات ومكاتب على مساحة تصل إلى 131 ألف متر مربع من تيسير الولوج إلى عالم جديد للمعرفة وتطوير مهن جديدة ذات قيمة مضافة مع تشجيع خلق فرص الشغل داخل الجهة وإبراز المؤهلات التي يزخر بها قطب فاس – مكناس.

وإلى جانب هذه المشاريع عرفت مدينة فاس إطلاق ورشين كبيرين هما قطبي واد فاس وعين الشقف واللذين سيساهمان بشكل كبير في دعم وتعزيز تنافسية الجهة وفي تنمية المدينة.

ويعد قطب التهيئة السياحية واد فاس الذي يمتد على مساحة إجمالية تقدر ب 171 هكتار أحد أهم المشاريع الاستثمارية على صعيد الجهة باعتباره سيكلف غلافا ماليا يصل إلى 682 مليون درهم ( التهيئة وإنشاء ملاعب الكولف ) ومن المقرر أن يحتضن مشاريع بقيمة استثمارية تناهز 58 ر2 مليار درهم من بينها فنادق كبرى ومركبات سياحية وإقامات وغيرها من الفضاءات الأخرى.

ولا يغيب الشأن الثقافي عن اهتمامات المسؤولين بمدينة فاس التي شكلت ومند عصورها الأولى موئلا للفكر والثقافة والإبداع خاصة مع جامعة القرويين التي تعد أقدم جامعة في العالم.

وتنعكس الريادة الثقافية والفكرية للمدينة في احتضانها سنويا لتظاهرات ومهرجانات دولية كبرى خاصة مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة.

ويساهم هذا الحدث الثقافي والفني العالمي الذي يحضره كبار الفنانين والموسيقيين والمفكرين والفلاسفة من مختلف دول العالم في تسويق صورة هذه الحاضرة كفضاء للتلاقي ولتلاقح الثقافات والحضارات وكذا للتعريف بالقيم الإسلامية السمحة التي ترتكز على الإخاء والتسامح والسلام وتكريس مكانة المغرب كأرض للحوار والانفتاح.

اترك رد