بين الارادة الملكية وتطلعات المجتمع.. وفشل الحكومة

بقلم: الياس اولاد بن هدي (.)

يعيش المغرب اليوم مرحلة حساسة، تتجلى فيها إرادة الملك محمد السادس الصلبة في الإصلاح الاجتماعي والتنمية البشرية، مقابل أداء حكومي لم يرقَ إلى مستوى التوجيهات الملكية، ولم يترجمها إلى نتائج ملموسة. منذ اعتلائه العرش، وضع الملك المواطن في صلب كل السياسات العمومية، وأطلق مشاريع كبرى مثل النموذج التنموي الجديد و ورشة الحماية الاجتماعية الشاملة، مؤكداً في خطاب العرش الأخير أن: “الغاية من الإصلاح ليست المؤسسات في حد ذاتها، بل المواطن الذي يجب أن يلمس أثر السياسات العمومية في حياته اليومية”، وأضاف: “لا يمكن أن يتحقق النموذج التنموي الجديد إلا بتعبئة كل المؤسسات وبجعل الإنسان في صلب كل السياسات، مع استعادة الثقة بين الدولة والمواطنين”.

بينما الحكومة الحالية لم تفعل شيئاً على أرض الواقع، بل تراخت في تفعيل الإصلاحات الأساسية في التعليم والصحة والشغل، وتسببت في ارتفاع الأسعار والتضخم الجامح، وأثقلت كاهل الأسر. وهو ما دفع شرائح واسعة من المواطنين، لا سيما جيل Z، لاحتجاجات سلمية عبّرت عن وعيٍ مدنيٍ متقدّم، ورفضٍ واضح لأي شكل من أشكال الشغب أو تخريب الممتلكات العمومية للتعبير عن رفض السياسات غير المدروسة، والمطالبة بحقهم في تعليم جيد، ومستشفيات لائقة، وحياة كريمة.

بين الصورة البارزة والعنوان

إن الاحتقان الشعبي اليوم ليس عشوائياً، بل نتيجة مباشرة للفشل الحكومي في تدبير الأزمة المعيشية والتضخم، وعدم الاستجابة للتوجيهات الملكية والفصول الدستورية التي تؤكد على ضمان العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق الأساسية. وهو ما جعل الحكومة تبدو كمعرقل أمام الارادة الملكية، ومصدر أزمة حقيقية تهدد الثقة المؤسساتية وتغذي غضب المواطن، حيث أصبح جيل الشباب يرفع صوته بقوة، ويطالب بإصلاحات فعلية تلامس حياتهم اليومية ومستقبلهم.

اليوم، أصبح المغرب أمام اختبار حقيقي فلا مكان للمماطلة أو الأعذار الواهية. الحكومة مطالبة بالتحرك فوراً، وتنفيذ التوجيهات الملكية بصرامة وفعالية، لأن استمرار البطء والفوضى بين الإداري و السياسي يزيد الاحتقان الشعبي، ويعمّق فقدان الثقة في المؤسسات، ويمثل تحدياً صريحاً لإرادة الملك وشعبه، خاصة جيل Z الذي يرفع صوته بحدة في الشارع، ويطالب الحكومة بتقديم استقالتها فوراً نتيجة فشلها الذريع في إدارة الأزمة المعيشية والتنمية الاجتماعية. وإذا لم تثبت الحكومة قدرتها على تحويل الرؤية الملكية إلى واقع ملموس، فستظل عقبة أمام الإصلاح والتنمية، وستتحمل المسؤولية كاملة عن كل الاحتجاجات والحراك الاجتماعي، بينما تبقى الملكية القوة الضامنة للتوازن الاجتماعي، والمصدر الحقيقي للحلول، والراعي لمصالح المواطنين.

اترك رد