بالواضح
بإعلان نادي الوداد الرياضي عن ضم الدولي حكيم زياش، عاد اسم اللاعب ليشغل مجدداً المشهد الكروي الوطني، لكن هذه المرة من زاوية مختلفة تماماً، إذ لم يعد الحديث عن وجهته الأوروبية أو عن خلافاته السابقة مع الناخب الوطني وليد الركراكي، بل عن احتمال انضمامه إلى قائمة المنتخب الذي يشرف عليه طارق السكتيوي استعداداً لكأس العرب، في وقت يتهيأ فيه المنتخب الأول لخوض غمار كأس الأمم الإفريقية على أرض المغرب.
التحاق زياش بالوداد يأتي على بُعد أسابيع قليلة من استحقاقين متزامنين تقريباً، إذ تنطلق كأس العرب في قطر من 1 إلى 18 دجنبر 2025، فيما تقام نهائيات كأس أمم إفريقيا بالمغرب بين 21 دجنبر 2025 و18 يناير 2026. هذا التقاطع في المواعيد يطرح إشكالاً عملياً واضحاً: أي استدعاء من قبل السكتيوي سيعني تلقائياً استبعاد اللاعب من لائحة الركراكي، لأن الاستحقاقين لا يسمحان بالمشاركة المزدوجة، ولأن التنسيق بين مدربي المنتخبات الوطنية يمنع تكرار الدعوات في فترة واحدة.
ورغم أن احتمال استدعاء زياش من طرف الركراكي يبدو ضعيفاً في الظرف الحالي، خاصة بعد طول غيابه عن تشكيل المنتخب الأول، فإن فرص التحاقه بالمنتخب الذي يقوده السكتيوي تبقى واردة جداً، بل أقرب إلى الواقع، خصوصاً في ظل الأسماء التي دعاها الأخير في معسكره الأخير استعداداً لمواجهة الكويت، والتي ضمت كلا من وليد أزارو وعبدالرزاق حمد الله وأشرف بنشرقي، وهي أسماء رغم قيمتها، تبقى أقل وزناً من زياش الذي يمتلك خبرة أوروبية طويلة وقدرة على إحداث الفارق في مباريات قصيرة المدى والمنافسة.

تاريخياً، لم يكن انتقال لاعب من هذا المستوى إلى الدوري المغربي حدثاً عادياً، لكنه اليوم يحمل بعداً رمزياً وسياسياً في المشهد الكروي، إذ يُظهر رغبة زياش في إعادة بناء مساره من الداخل، وربما أيضاً رغبته في استعادة مكانته في المنتخب الوطني، ولو عبر بوابة الوداد وسكتيوي. فالأخير يبحث عن أسماء تُمكّنه من تقديم منتخب تنافسي في كأس العرب، لا يقتصر على المحترفين المتوسطين أو لاعبي البطولة المحلية، بل يضم من يمكن أن يصنعوا الفارق جماهيرياً وفنياً في دورة عربية ستُسلَّط عليها الأضواء.
في المقابل، يبدو الركراكي متمسكاً بخط استقراره الفني خاصة بالنظر إلى وفرة أسماء في مركز لعب زياش كابراهبم دياز فضلا عن عناصر جديدة محتملة من منتخب الشباب المتوج مؤخرا بكاس العالم اقل من 20 سنة، ما يجعل استدعاء زياش مجدداً خطوة غير مطروحة في المدى القريب، إلا إذا أراد المدرب توجيه رسالة مزدوجة للاعب وجمهور الوداد مفادها أن باب المنتخب لا يُغلق نهائياً.
هكذا يجد زياش نفسه اليوم بين خيارين متباينين: تلبية دعوة السكتيوي والمشاركة في كأس العرب بما يحمله ذلك من رمزية وطنية وفرصة لإعادة الارتباط بالكرة المغربية، أو انتظار إشارة من الركراكي قد لا تأتي قريباً، خاصة مع زحمة الأسماء في المراكز الهجومية. وفي الحالتين، يبقى انتقاله إلى الوداد حدثاً قد يعيد رسم ملامح العلاقة بين نجم أوروبا السابق ومنتخب بلاده، ويضع المدربين معاً أمام اختبار جديد في التنسيق بين الطموح الفردي والمصلحة الوطنية.