عيد العمال ..!!

بقلم: مسرور المراكشي 

كنت أود تهنئة عمال بلادي بـ”العيد” العالمي للعمال، والذي جرت العادة “الإحتفال” به في فاتح ماي من كل سنة، لكنني وفي أخر لحظة تراجعت عن تقديم التهنئة للعمال، لا لأنني أكره العمال بل العكس محبة فيهم ورأفة بحالهم، ولا أريد المساهمة في خداع هذه الطبقة التي ينهض الوطن بفضل عملهم، وذلك لعدة أسباب منها أن العيد يأتي بعد مجهود قدمه العامل طيلة العام، والذي يمكنه جني ثماره في أخر المطاف، لكن أيها السادة حدثوني عن ماذا كسب العامل المغربي البسيط، بعد كده وتضحياته منذ استقلال البلاد إلى اليوم، إنها خيبات متتاليات وتراجع مستمر عن الحقوق والمكتسبات، لقد تمت سرقة صناديق تقاعد العمال التي ساهموا فيها بعرق الجبين، وتم هضم حقوقهم في البر والبحر، ناهيك عن الطرد التعسفي و المنع من الترقية وسن قوانين تحد من حرية العمل النقابي، فكلما أعلنت الحكومة عن مشروع “إصلاح” لقطاع معين، إلا وحدث العكس تماما حيث التخريب والتراجع عن كل مكتسبات العمال، لقد تم ضرب النظام التعليمي باسم الإصلاح المزعوم، كما تم تخريب قطاع الصحة والعدل ونظام الشغل برفع شعار الإصلاح كذلك، لهذه الأسباب مجتمعة أعتقد أن الإحتفال بعيد العمال هو مجرد ضحك على الذقون، وهو بالمفهوم المغربي (الطنز العكري) واحتقار عقول العمال وفهمهم، لكن هناك مجموعة إذا احتفلت يجوز لها ذلك، بل يجب عليهم الإحتفال و إظهار نعمة وبركة العمل “النقابي”، وكذلك إظهار فضل أصحاب ( الحال) عليهم و رضاهم على هذه الزمرة المحظوظة..!!، إنهم بعض قادة النقابة المرضي عنهم من طرف السلطات، والذين استفادوا من من سخاء وكرم (أصحاب الحال)، لقد جمعوا ثروة كبيرة من هذا العمل (النقابي)، وبذلك انتقلوا ضمنيا إلى صف الخصوم التاريخيين للعمال أي “لپاطرونا”، لقد زار صحفي فرنسي المغرب، وذلك في عهد حكومة المرحوم عبدالرحمن اليوسفي، حيث أراد إنجاز بحث حول الحياة السياسية المغربية، وبحكم صداقته مع أحد قادة أحزاب المعارضة، دعاه هذا الأخير إلى المبيت عنده في إقامته خارج العاصمة، وفي الغد وبعدما شاهد فخامة وضخامة السكن وكذا رغد عيش، فكل أصناف الطعام حضرت فوق المائدة من فواكه البر والبحر، لقد حكى هذا الصحفي كلام لخص به أحد أهم أسباب تدهور العمل النقابي والسياسي بالمغرب، حيث قال: (إذا كان قادة أحزاب المعارضة يتمتعون بهذا المستوى البرجوازي من العيش الرغيد، فما بالك بمستوى عيش قادة أحزاب الأغليبية التي تدعم وتساند الحكومة..!!)، لقد عملت السلطات بشكل خبيث وممنهج منذ زمن لتدمير العمل النقابي، وذلك بتقديم رشاوي مبطنة لبعض قادة النقابات في شكل امتيازات كثيرة وإكراميات سخية، طبعا دون تعميم فهناك نقابيون شرفاء أصحاب مبادئ وضمائر حية، لا يمكن إسكات أصواتهم الحرة بالتهديد أو شراء صمتهم بالمال، لكن مع الأسف الشديد إنهم عملة نادرة وعددهم قليل وفي تناقص مستمر، لهذا أطلب من العمال مقاطعة احتفالات فاتح ماي هذا العام، وعدم المشاركة في هذه المسرحية السخيفة والسيئة الإخراج، إن بقاء العامل البسيط في بيته مع أسرته الصغيرة ذلك اليوم أفضل، وهو احتجاج راقي يعبر عن مدى وعيه ويقظته، لأن المشاركة تعني تزكية واقع نقابي مزيف، والمساهمة في تغييب وعي نقابي عمالي حقيقي، وأنا شخصيا أعتبر هذه المهرجانات مجرد فلكلور وديكور مزيف، يخفي واقع نقابي تنعدم فيه الحرية النقابية الحقيقية، وما ضرب نقابة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب إلا نموذج بسيط لهذا الواقع، إن احتفالات فاتح ماي هي نشاط رسمي بامتياز، حيث تحضرها شخصيات رسمية وزراء و”پاطرونا” ويغطيها الإعلام الرسمي، لن يستفيد العامل من الوقوف في شمس حارقة لساعات، وسماع خطب تتكرر كل عام لكن قد يكون الجديد فيها هو ضربة شمس ترسله للمستشفى😄، لقد أصبح لكل حزب نقابة أو لكل نقابة حزب، وبذلك ضاعت حقوق العمال وتمزق شملهم ووحدتهم، وأنا أشفق على بعض المغفلين الذين ينتظرون من فاتح ماي الكثير، كأن يحل مشاكلهم ويعيد لهم الكرامة والحقوق المسلوبة، أيها العمال لا تنتظروا شئ من فاتح ماي ولا فاتح يونيو، لأن النضال ليس بموسمي بل هو نضال يومي، فأين غابت أغلب النقابات منذ تنصيب حكومة “لپاطرون”، لقد عانى الشعب من جحيم الأسعار الملتهبة ولا زال يعاني منها، أين التعبئة للمقاطعة والإعتصامات أين البيانات النارية أين الدعوة للإضراب العام الوطني والنزول للشارع، كما تفعل النقابات الحقيقية والجادة في فرنسا، حيث خاضوا معارك قوية مع حكومة ماكرون رفضا لمشروع التقاعد، فهل ينتظر الشعب المغربي نقابات الكهف هذه كي تستيقظ في كل عام يوم واحد..؟، لقد تم حشر الشعب المغربي في زاوية ضيقة، وذلك بعد ضرب العمل السياسي بتزوير مفضوح في انتخابات 8 شتنبر، كما تم شراء صمت أغلب النقابات منذ تولي “الپاطرون” تسير الشأن العام، فأصبح الفقراء “كالأيتام في مأدبة اللئام”، فلم يبقى في الساحة لا حزب ولا نقابة لحماية ظهر الشعب من صياط الأسعار، طبعا دون تعميم ولا تيئيس لان الخير لا ينعدم في هذه الأمة إلى قيام الساعة، لكن ومع ذلك يجب استخلاص العبر فكم من فاتح ماي مضى منذ استقلال البلاد إلى اليوم، وكم من فواتح ماي ستمر في المستقبل..؟ هل تغير حال العمال في الماضي أو سيتغير في المستقبل الجواب مع الأسف لا، بل أوضاع العمال المادية والمعنوية ازدادت تأزما، والسبب هو توقيع بعض النقابات ميثاق السلم الإجتماعي سرا، و الذي يعني منح هدنة نقابية للمصاصي دماء الشعب كي يمتصوا دماء العمال قطرة قطرة ، ببساطة بعض النقابات (باعو الماطش) وقبضوا ثمن صمتهم عن ظلم العمال… خلاصة: _ إذا احتفل العمال في أوروبا فهم أهل لذاك الإحتفال ويستحقونه، لأنهم يتمتعون بكل الحقوق النقابية تقريبا، حرية نقابية تعويضات معقولة رواتب محترمة، ليس هناك طرد تعسفي خارج القانون، بحيث تجد عمال أوروبا يقضون عطلهم السنوية في ميامي هايتي سنغافورة طوكيو، وهذا يبين الفرق الكبير في دخلهم ومستوى عيشهم، لكن العمال البسطاء في المغرب من نوع “بوزبال”، يقضون عطلهم الصيفية في بويا عمار ومولاي ابراهيم بويا احمد و لالة تاكركوتست..، باستثناء بعض قادة النقابة أو القطط السمان الذين يقضون عطلهم الصيفية في برشلونه وباريس زيوريخ..اللهم لا حسد، طبعا دائما دون تعميم يا (لعميم)، وفي الأخير نقول للعمال المغاربة امبارك لعواشير يا لمزاليط وكل عام وأنتم “مقولبين” أو فرحانين..😄😄
أنشر دفاعا عن العمال المغاربة ✌🏽✌🏽✊🏻

اترك رد