عيشوا الواقع بعيداً عن جعجعة المواقع
بقلم: د. ابوزير المصطفى (.)
أيها التلاميذ أيتها التلميذات ونحن على أبواب الامتحانات الإشهادية نصيحة لآبائكم وأمهاتكم وأولياء أموركم ومن قبلهم جميعاً أنتم من المقبلات والمقبلين على هذه المرحلة المفصلية في تاريخكم ومساركم التعليمي عليكم تتعلموا أن تعيشوا الحياة الواقعية بكل ما تحمله هذه الحياة من تحمل للمشاق والمسؤوليات وتجاوز العقبات لتحقيق المنجزات، هذه الحياة التي يجب أن تعزلوها عن التأثر بمواقع الزواق والنفاق والمظاهر الخداعة لتنعموا بحياة واقعية تعيش الواقع بكل تفاصيله المادية والمهنية الوظيفية والبحثية الأكاديمية وهي للسوي منكم المجد الطموح مختلفة تماماً عن كل ماهو افتراضي وهمي لايسمن ولا يغني من جوع إلا الاغتناء الوهمي المنحل من كل وازع ديني أو قيمي والذي يحتجز الفرد منكم بالحلم بأرباح خيالية لا مكان لها إلا في لايفات الأحلام من رواية ألف ليلة وليلة بعيدة عن حياة تتسم بالتضحيات من أجل الوصول لأعلى المراتب وتحقيق أسمى الغايات وتحقيق أعظم الإنجازات وإثبات الذات في بيئة مجتمع يمضي في طريق النمو وبواقع حقيقي واقع قاتم يميل للرمادي لكنه حافل بالأمل وبكم يصنع الأمل ولكنه ليس بالضرورة أسود عدمي ويمكن جعله أقل رمادية قريبة من البياض بملئه بجرعات من الطموح والمثابرة.
هذا الواقع الذي لم ولن يكون كماهو في المواقع وردياً يغرر بالقاصرين والقاصرات وهنا لا أقصد السن ولكن قاصري وقاصرات الوعي والادراك المتأثرين بالتافهين والتفاهات أو الذين فشلوا في واقع الحياة ليخلقوا من أنفسهم قدوات، وهنا يأتي دور الآباء والأمهات وأولياء الأمور في التوجيه والمراقبة على مواقع صنعت واقعاً افتراضياً مليئا بالكذب والوهم على أصحابها أولاً وعلى الآخرين، هذا الواقع الوهمي الافتراضي الذي لا يصنع جيلا مثقفا أكثر من كونه يصنع جيلا مزيفا يريد الغنى ولو على حساب آلام الآخرين وفضائحهم والتشهير بهم من خلال صناعة شبه وعي مضاد (شبه وعي يصنع جيلا بكتاف باردين على الخدمة جيل باغيها دون عمل أو كلل) جيل أصبح يبحث عن الشهرة الفاضحة من الفضيحة ونسي أنه كلما تدنى خلقك وارتفع عهرك ازدادت شهرتك وقريبا قد لا نجد رجالاً ونساءاً مثقفين ومثقفات أكفاء أكثر من كوننا سنجد أمثال تافه وتافهة وهؤلاء لا يصنعون لا دولة ولا وطنا ولا حتى أسرة من خلال صناعة جيل فاقد للبوصلة والهوية ويعيش مسرحية يمثل فيها دور الكومبارس لمن يجيدون اللعب خلف الكواليس لتدمير مستقبل هذه الأمة.
تلاميذنا الأعزاء وتلميذاتنا الغاليات وفقكم الله في هذه الامتحانات ولا تكونوا عدميين يائسين مخدوعين بواقع قاتم لأنه وبكل بساطة لازال هناك أمل في التأسي بكفاءات تشتغل في صمت وبإصرار على أرض الواقع بعيدا عن جعجعة المواقع وهي في انتظاركم تاركة لكم طريق العمل والتحدي لتسلمكم المشعل بغية إيقاظ الهمم همم فيمن يأتي من بعدكم بعيداً عن الصياح وكثرة النباح ممن ملؤوا ولوثوا فضاء الجد والعمل لأنهم اعتادوا الكسل والفشل وتصريفه عن طريق العيش على مآسي إفشال الآخرين والأخريات دون وازع أو رادع ديني أو قيمي أو أخلاقي.
هكذا الأمر وعليه يجب أن تكونوا أنتم كطاقات من الكفاءات تحمل همّ هذا الوطن وتدافع عن قيمه وثوابته في عالم فقدت فيه الإنسانية واستحكمت فيه التفاهة واهتم فيه بالبنيان وهمش فيه الإنسان عالم إن لم تكونوا فيه أدمغة منتجة ستردخون للتبعية وماتفرضه الطبقية من تهميش وعبودية.
ختاماً أقول ما قاله الإمام الشافعي: “بقدر الكد تكسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي، ومن طلب العلا بغير كد أضاع العمر في طلب المحالِ”
بجدكم وكدكم ونجاحكم وتفوقكم كونوا أنتم الواقع بعيداً عن جعجعة وخداع المواقع.
(.) صاحب دكتوراه في العلوم
إطار مهتم بقضايا الشباب