من أجل إعلام مسؤول يضع المواطن في قلب المسار الديمقراطي..
بقلم: عمر المصادي

في خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، بمجلس النواب بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، رسم جلالته معالم مرحلة جديدة في علاقة الدولة بالمواطن، حيث أكد على الدور الحيوي للإعلام في تعزيز الوعي الديمقراطي، وتأطير المواطنين، وتمكينهم من فهم ومواكبة المبادرات والسياسات العمومية، لاسيما تلك التي ترتبط بشكل مباشر بحقوقهم وحرياتهم.
الخطاب الملكي جاء في سياق وطني ودولي يتسم بتحولات متسارعة، تتطلب توجيه العمل الإعلامي نحو خدمة المواطن، لا فقط عبر نقل الخبر، بل من خلال المساهمة في بناء رأي عام واع، ومسؤول، ومطلع على ما يجري داخل المؤسسات.
خطاب جلالة الملك يحمل رسالة على أن الإعلام لا يمكن أن يبقى على الهامش، بل يجب أن يكون فاعلا في شرح القوانين، وتبسيط المساطر، والتعريف بالقرارات التي تهم حياة المواطنين اليومية، وهذا ما يستدعي، حسب التوجيه الملكي، إيلاء عناية خاصة للإعلام العمومي، وتوفير الشروط الضرورية له كي يقوم بمهامه على أكمل وجه.
إن المرحلة تقتضي بناء إعلام مسؤول وفعال، يجعل من المواطن محور اهتمامه، ويعزز جسور الثقة بين المواطن والمؤسسات، وهي دعوة صريحة لإعادة النظر في آليات العمل الإعلامي، سواء من حيث التكوين، أو المضامين، أو الوسائط المستعملة.
وفي ظل الإنتشار الواسع للمعطيات والمعلومات على شبكات التواصل الإجتماعي، فإن الحاجة أصبحت ملحة اليوم لإعلام مهني، دقيق، متوازن، وقادر على التصدي للأخبار الزائفة، التي تسيء إلى الحياة العامة وتغذي مشاعر الإحباط وفقدان الثقة.
وفي هذا الصدد، فإن الإعلام الجهوي والمحلي يمكن أن يشكل رافعة مهمة لنقل انشغالات المواطنين والتفاعل معها، خاصة في ظل ورش الجهوية المتقدمة والتنمية المجالية.
وفي الأخير يجب التأكيد على أن الخطاب الملكي يجسد رؤية واضحة لمستقبل الإعلام في المغرب، قائمة على جعل المواطن فاعلا في العملية الديمقراطية، لا مجرد متلقي سلبي، وذلك عبر تمكينه من المعلومة الصحيحة، والتحليل الرصين، والنقاش البناء.
إنها دعوة لتأسيس مرحلة جديدة من المسؤولية الإعلامية، تتكامل فيها أدوار مؤسسات الدولة والمجتمع والإعلاميين، من أجل وطن قوي، متماسك، تسوده الشفافية، ويعلو فيه صوت العقل والمعرفة، حيث يكون المواطن في قلب العملية الديمقراطية، مطلعا، واعيا، وفاعلا.