هذه حقيقة محمد اركون الخادعة…

بقلم: د. إدريس الكنبوري

كان محمد أركون قاسيا في إطلاق الأحكام والنعوت على الفكر الإسلامي؛ فهو دوغمائي وجامد وسكولاستيكي وقروسطي ومضاد للعقل وتقليدي ورجعي واوثوذوكسي وكل شيء؛ ومن يطلع على مؤلفاته سوف يجد كثرة النعوت السلبية les adjectifs ضد الإسلام والفكر الإسلامي. وقد يغتر بعض القراء فيعتبر الإشادة بأمثال ابن رشد وابن مسكويه والتوحيدي؛ كما يفعل غيره؛ دليلا على تقديره للفكر الإسلامي؛ ولكن الخدعة أن الإشادة بهؤلاء لا تدل على الاعتزار بالفكر الإسلامي؛ بل هي وسيلة لضرب هذا الفكر؛ فهم بالنسبة إليه شعرة رقيقة وسط عجين فاسد.
وقد اعتاد أركون على وصف الفكر الإسلامي بالجهالات؛ ولكن الجهالات التي روجها في كتاباته لا تقف أمامها جهالات أخرى. ففي كتابه “الهوامل والشوامل” مثلا يدعي بأن إبراهيم عليه السلام لم يكن مسلما الإسلام “الاورثوذوكسي” المعروف اليوم؛ والذي تشكل على مدار القرون الثلاثة الأولى للإسلام؛ بحسب اعتقاده؛ بل إبراهيم تعني “ولي الله”. ثم يضيف بأن كلمة مسلم التي تطلق على النبي إبراهيم لا يجب أن تفهم بالمعنى القرآني؛ وإلا سقطنا في “الإسقاط والمغالطة التاريخية”. وما يثير العجب أنه يطلق على النبي إبراهيم لقب”ابراهام التوراتي”؛ فاللقب التوراتي عنده أهم من اللقب القرآني.
لقد كان محمد أركون يتعمد تشويه الإسلام والمفاهيم القرآنية تقربا إلى الطوائف الدينية الأخرى المعروفة؛ لأنه ما كان يمتلك الشجاعة الفكرية والعلمية للاشتباك مع الأديان الأخرى؛ بل كان اشتباكه الأساسي مع الإسلام وحده. وقد بينا في كتاب قيد الانتهاء منه تهافت أفكار هذا الرجل؛ وهو كتاب من سلسلة كتب بدأناها بكتابنا عن محمد شحرور الذي صدر العام الماضي تحت عنوان “النص والحاوي. في تفكيك القراءة المعاصرة للقرآن الكريم. محمد شحرور نموذجا”؛ نسأل الله التوفيق فيه.

اترك رد