إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

بقلم:  أحمد بُودّة

بمناسبة تنظيم التدريبات المغربية الأمريكية المشتركة “الأسد الإفريقي 2021” من 7 إلى 18 يونيو وحضور عدد من الدول العربية والإفريقية والأوروبية، كثّف جنرلات الجزائر المتعنتين ورئيسهم عبد المجيد تبون، من حملاتهم الحقيرة والمستفزة والظالمة في حق المغرب، معتقدين، عن خطأ صبياني، أن بهذه المناورات البهلوانية والرخيصة، يُمكن الدفع بالمغرب للتفريط بسيادته الوطنية وبإستقلال قراره السياسي، لا قدر الله.

خسؤوا وخاب مآلُهُم، لم يتعلموا الدروس لا من أبسط المواطنين ولا من أولياء شؤونهم.

نعم، كمواطن مغربي ومسؤول حزبي على مستوي الوطني للإتحاد الإشتراكي، ومدافع عن الثوابت الوطنية، إذْ كلفني دفاعي عن الوحدة الترابية المغربية الكثير ببلجيكا، سأرجع إلى هذه النقطة بالتفاصيل مستقبلاً بحول الله.

أقول كمواطن مغاربي، يحب الشعب الجزائري الشقيق. رغم النصائح من بعض المقربين مني أرتأيت، خلال الحملة الإنتخابية للعهدة الثالثة للرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة أن أفتح منبر الإذاعة ببروكسيل، ثلاث مرات، إلى مدير ديوان الحملة الإنتخابية للسيد بوتفليقة، الوزير السابق في حكومته وإلى وزير خارجيته أنذاك وكذا لعدد من البرلمانيين، للقيام بالحملة الإنتخابية لصالح رئيسهم، معتقداً، عن حسن نية، أنهم سيتأكدون بأن المواطن المغربي، في المهجر كما في الداخل، لا يُكن للجزائر أية عداوة ومتصوراً أن خطابي الخاص، ودفاعي عن وحدة الصف المغاربي وبناء كتلة قوية مكونة من ميئة مليون نسمة، لربما تجِدُ أذاناً صاغية وصدى عندهم ولو قسطاً قليلاً منهما، من جهة أخرى.

مع الأسف الشديد، بعد أزيد من عقد من الزمن، ما زالوا من مراكزهم كعسكريين وسياسين، متربصين على رقاب الشعب الشقيق قبل غيره وما زالوا على نهجهم اليأس والبائس إتجاه إخوانهم المغاربة وما زالوا على سياستهم الفاشلة، التي ستجرهم، لا محالة، نحو النفق المسدود.

نظراً لتصعيدهم المستفز ومواقفهم الإنتحارية وكذبهم المكشوف حول إحتمالية خذلان السياسة المغربية إتجاه القضايا العربية وفلسطين وفي إطار النصيحة وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، أخترت إعادة نشر مقتطفات من خطاب صاحب الجلالة محمد السادس حفظه الله، الذي ألقاه بمناسبة القمة المغربية الخليجية بالرياض سنة 2016، عسى أن يتبصروا ولو قليلاً، لأن السياسة الخارجية للمغرب التي يوجهها الملك ليست سياسة راشدة فقط، بل تُجيد قراءة الأحداث العالمية والإستراتيجيات المعادية لمنطقتنا والوطن العربي خلافاً لما يُروجون كذباً وبهتاناً.

تباً لكل من هو السبب في تعطيل بناء المغرب الكبير، سيحاسبه التاريخ.

إليكم مقتطفات مختارة من خطاب الملك محمد السادس، حفظه الله، يوم 20/04/2016 بالرياض.
“إن هذه القمة تأتي في ظروف صعبة. فالمنطقة العربية تعيش على وقع محاولات تغيير الأنظمة و تقسيم الدول، كما هو الشأن في سوريا والعراق وليبيا. مع ما يواكب ذلك من قتل وتشريد وتهجير لأبناء الوطن العربي.
فبعدما تم تقديمه كربيع عربي، خلف خراباً ودمارا ومآسي إنسانية، ها نحن اليوم نعيش خريفا كارثياً، يستهدف وضع اليد على خيرات باقي البلدان العربية، ومحاولة ضرب التجارب الناجحة لدول أخرى كالمغرب، من خلال المس بنموذجه الوطني المتميز.

إننا نحترم سيادة الدول، ونحترم توجهاتها، في إقامة وتطوير علاقاتها، مع من تريد من الشركاء.
ولسنا هنا لنحاسب بعضنا على اختياراتنا السياسية والاقتصادية.
غير أن هناك تحالفات جديدة، قد تؤدي إلى التفرقة، وإلى إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة. وهي في الحقيقة، محاولات لإشعال الفتنة، وخلق فوضى جديدة، لن تستثني أي بلد. وستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة، بل وعلى الوضع العالمي.

ومن جهته فالمغرب رغم حرصه على الحفاظ على علاقاته الاستراتيجية مع حلفائه، قد توجه في الأشهر الأخيرة نحو تنويع شراكاته، سواء على المستوى السياسي او الاستراتيجي أو الاقتصادي.
وفي هذا الإطار، تندرج زيارتنا الناجحة إلى روسيا، خلال الشهر الماضي، والتي تميزت بالارتقاء بعلاقاتنا إلى شراكة استراتيجية معمقة، والتوقيع على اتفاقيات مهيكلة، في العديد من المجالات الحيوية
كما نتوجه لإطلاق شراكات استراتيجية مع كل من الهند وجمهورية الصين الشعبية، التي سنقوم قريبا، إن شاء الله، بزيارة رسمية إليها.
فالمغرب حر في قراراته واختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد. وسيظل وفيا بالتزاماته تجاه شركائه، الذين لا ينبغي أن يروا في ذلك أي مس بمصالحهم.

ومن ثم، فإن عقد هذه القمة، ليس موجها ضد أحد بشكل خاص، ولاسيما حلفاءنا. إنها مبادرة طبيعية و منطقية لدول تدافع عن مصالحها، مثل جميع الدول، علما أن أشقاءنا في الخليج، يتحملون تكاليف وتبعات الحروب المتوالية، التي تعرفها المنطقة.

أصحاب الجلالة والسمو ،
إن الوضع خطير، خاصة في ظل الخلط الفاضح في المواقف، وازدواجية الخطاب بين التعبير عن الصداقة والتحالف، ومحاولات الطعن من الخلف.

فماذا يريدون منا ؟

إننا أمام مؤامرات تستهدف المس بأمننا الجماعي. فالأمر واضح، ولا يحتاج إلى تحليل. إنهم يريدون المس بما تبقى من بلداننا، التي استطاعت الحفاظ على أمنها واستقرارها، وعلى استمرار أنظمتها السياسية.
وأقصد هنا دول الخليج العربي والمغرب والأردن، التي تشكل واحة أمن وسلام لمواطنيها، وعنصر استقرار في محيطها.
إننا نواجه نفس الأخطار، ونفس التهديدات، على اختلا ف مصادرها ومظاهرها ”

“إخواني أصحاب الجلالة والسمو،
إن المخططات العدوانية، التي تستهدف المس باستقرارنا، متواصلة ولن تتو قف. فبعد تمزيق وتدمير عدد من دول المشرق العربي، ها هي اليوم تستهدف غربه. وآخرها المناورات التي تحاك ضد الوحدة الترابية لبلدكم الثاني المغرب.
وهذا ليس جديدا . فخصوم المغرب يستعملون كل الوسائل، المباشرة وغير المباشرة في مناوراتهم المكشوفة.
فهم يحاولون حسب الظروف، إما نزع الشرعية عن تواجد المغرب في صحرائه، أو تعزيز خيار الاستقلال وأطروحة الانفصال، أو إضعاف مبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها… ”
…..
“ومع التمادي في المؤامرات، أصبح شهر أبريل، الذي يصادف اجتماعات مجلس الأمن حول قضية الصحراء، فزاعة ترفع أمام المغرب، وأداة لمحاولة الضغط عليه أحيانا ، ولابتزازه أحيانا أخرى .”
……..
“والمغرب كان دائم التنسيق، بخصوص هذا النزاع المفتعل، حول وحدتنا الترابية، مع أصدقائه التقليديين، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا، ومع أشقائه العرب، خاصة دول الخليج، والأفارقة كالسنغال وغينيا وكوت ديفوار والغابون.
غير أن المشكل يبقى مطروحا مع المسؤولين بالإدارات، التي تتغير بشكل مستمر، في بعض هذه الدول .
و مع كل تغيير يجب بذل الكثير من الجهود، لتعريفهم بكل أبعاد ملف الصحراء المغربية، وبخلفياته الحقيقية، وتذكيرهم بأن هذا النزاع، الذي دام أزيد من أربعين سنة، خلف العديد من الضحايا، وتكاليف مادية كبيرة، وبأن قضية الصحراء هي قضية كل المغاربة، وليست قضية القصر الملكي لوحده.
أصحاب الجلالة والسمو،
لقد حان و قت الصدق والحقيقة. إن العالم العربي يمر بفترة عصيبة. فما تعيشه بعض الدول ليس استثناء، وإنما يدخل ضمن مخططات مبرمجة، تستهدفنا جميعا.
فالإرهاب لا يسيء فقط لسمعة الإسلام والمسلمين، وإنما يتخذه البعض ذريعة لتقسيم دولنا، وإشعال الفتن فيها
وهو ما يقتضي فتح نقاش صريح وعميق، بين المذاهب الفقهية، قصد تصحيح المغالطات، وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام، والرجوع للعمل بقيمنا السمحة.
إن الأمر لا يتعلق بقضية في دولة معينة، وإنما بحاجتنا إلى وعي جماعي بهذه التحديات ، وبإرادة حقيقية لتجديد عقدنا الاستراتيجي مع شركائنا، بناء على محددات واضحة المعالم ، تضبط علاقاتنا خلال العشريات المقبلة.
إننا نعيش مرحلة فاصلة ، بين ما ذا نريد، و كيف يريد الآخرون أن نكون.
إننا اليوم، أكثر حاجة لوحدة ووضوح المواقف، بين كل الدول العربية. فإما أن نكون جميعا كالجسد الواحد والبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا، أو أن نكون كما لا نريد.
وفقنا الله لما فيه خير شعوبنا وأمتنا.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.
20/04/2016

اترك رد