“التَّطلِيس” المضر..

بقلم: يونس فنيش

ما إن نسينا تجاوزات “طوطو”، فارتحنا قليلا، حتى أتوا لنا ب”طاليس” حيث “طَلَّس” المشهد العام، حسب بعض الإفادات على قنوات اليوتوب المشهورة، بحموضة مرضية متسخة، والمصيبة أنه قام بعرضه التافه، الذي لا يرفه على أحد بل يمعن في إغراق الناس عامة في الحزن على ما آل إليه فن الفكاهة من تقهقر، والمصيبة أن ذلك تم بحضور مسؤول في حكومة حزب الأحرار، مسؤول لا يليق أن تلطخ سمعته بكذا عرض من شبه فكاهي بئيس، مسؤول حكومي وطني محترم لاشك وأن لديه أسرة، وبالتالي لا شك أنه لا يقبل أن يتم التهكم على الأخلاق الوطنية المغربية النبيلة من طرف فكاهي لا موهبة له، ولا تكوين يمكنه من مراعاة تربية المغاربة التي تمقت كذا استهتار بالحدود الأخلاقية الثابتة و الراسخة في جذور و عمق المجتمع المغربي الأصيل.

هنا بالضبط تكمن مقولة: “من لا تربية له يجب أن نعيد له التربية” لقائلها الأستاذ عزيز أخنوش رئيس حكومتنا. هنا بالضبط ننتظر تفعيل هذه المقولة التاريخية…

ما كل شيء يخل بالأدب يقال على الملأ و أمام الجماهير، و أما أن يتم الأمر في قنوات ذائعة الصيت، حسب إفادة قناة تبدو مشهورة في اليوتوب، فالأمر جلل فظيع مهول يمس بأسس التعاقد الضمني و العلني بين الدولة و الشعب، و بالتالي فلابد من محاسبة فعلية لمقترف الخطأ، لأن الدولة التي قامت منذ 12 قرنا على أساس أخلاقي لا يمكن أن يتجرأ عليها مجرد معد لبرنامج فكاهي تلفزيوني، مثلا، ويتجاوزها بوقاحة عبر تقديم عرض فكاهي ليس له من الفكاهة سوى حموضة مرضية تضر و لا تنفع أبدا.

الفكاهي المحترم هو فنان يستمد فنه من ثقافة عامة واسعة غنية، ومن السوسيولوجيا أو علم الإجتماع، والجغرافية، والتاريخ، وسيكولوجية الجماعة أو الجماعات، وشيئا من علم النفس وأشياء أخرى، وقبل وبعد ذلك لابد من موهبة… وأما أن يتم النفخ في فكاهي بدون موهبة و لا دراية بشؤون الفكاهة، و أن يتم تمكينه من أعلى المنصات الوطنية الرسمية، فلربما أن هناك شيء ما ليس على ما يرام… و الله أعلم.

و من جانب آخر لا يقل أهمية على ما ذكر أعلاه، الفكاهي الوطني فعلا و حقا و حقيقة، ليس ذاك الذي يقلد و ينسخ بسذاجة مقرفة شديدة الضعف كل ما يتفوه به فكاهيون فرنسيون، أو غربيون، لأن هؤلاء في تناغم تام مع مجتمعاتهم (…) ناهيك عن كون فن الفكاهة لا علاقة له بالتقليد و سرقة أفكار الغير سواء كانت تافهة مقيتة أو جميلة صائبة هادفة.

و أما لو كان الأمر يتعلق بإرادة أو عزم ما لتغيير أسس المجتمع المغربي الأصيل، كما قيل و يقال و الله أعلم، بمحاولة فرض عقلية حداثوية تمهيدية مرفوضة، لغاية ما، عبر بث برامج غريبة أعجوبة في قنوات عديدة، فهذا خطأ فادح، لأن كيفما كانت، ربما، الضغوطات الأجنبية في هذا الصدد، فدولة المغرب قائمة على أساس ديني، شاء من شاء و أبى من أبى، أساس ديني معتدل متوازن سليم رائع لا يمكن في كل الأحوال المساس به، فالدين المعاملات، و الدين الأخلاق، و الدين الستر، و الدين عدم المجاهرة بالسوء و المعاصي. هنا المغرب و المغاربة. و الحمد لله وحده.

خلاصة: يكفي ما يبث على قنوات التواصل الإجتماعي من تفاهة و ميوعة، فرجاء لابد من توقير المشهد الرسمي الذي من المفروض أن يمثل الدولة و الحكومة و المجتمع و الشعب. و معذرة على الصراحة الضرورية. و الله أعلم.

اترك رد