الحمار السياسي

بقلم: مسرور المراكشي

…لقد اعتدنا وصف هذا الحيوان با الغباء منذ القدم ، ولا أدري لماذا..!! مع العلم أن كل الحياوانات متقاربة الذكاء تقريبا ، لا بل امتدت هذه الصفة النمطية إلى الإنسان حيث يوصف كل ساذج مغفل ب “الحمار” ، وهو على فكرة شعار لحزب في أكبر دولة تقود العالم إنه الحزب الديموقراطي الأمريكي ، حيث يتخذ هذا الأخير الحمار كشعار ، في مقابل شعار ” الفيل” للحزب الجمهوري الأمريكي، وهكذا دخل الحمار ميدان السياسة الأمريكية من بابها الواسع ، ففي قمة الحملة الإنتخابية الرئاسية الأمريكية ، وعندما يلقي رئيس الحزب الديمقراطي خطابا يظهر الحمار خلفه بلون جميل ، إن الحمار يتربع على رأس أكبر الأحزاب الأمريكية ، كما اعتبره حزب العمال الإشتراكي الإسباني رمز التفاني في العمل و نكران الذات ، المهم مزايا الحمار في الميدان السياسي كثيرة سنعود لذكر بعضها ، وذلك بعد سرد مهام الحمار في ميدان النقل و اللوجستيك ، وهو اختصاصه بامتياز وخاصة في دول العالم الثالث و التي نتشرف بالعضوية الدائمة فيها ، لنأخذ مثلا المغرب إن رؤية الحمار المغربي البلدي يتجول في شوارع الدار البيضاء العاصمة الإقتصادية أو في العاصمة الإدارية الرباط ، فهذا المنظر يثير غضب و اشمأزاز الطبقة المثقفة وتعتبر ذلك من مظاهر ” التخلف ” ، وقد يقول البعض لقد نزل الناس على سطح القمر ، في حين لازال المغرب يعتمد على الحمير في النقل ، لكن هذا الكلام كله لا يهز شعرة واحدة في أذن الحمار الصبور ، فهو ماض بكل حزم في طريقه كما كان منذ آلاف السنين دون ملل ، ينقل الناس و البضائع إلى قيام الساعة رغم تعرضه للإهانة و الضرب المبرح وغالبا دون سبب واضح ، وهذا يعد مخالفا للقانون لأنه ” اعتداء على موظف اثناء قيامه بمهمته…!! ” ، وأهل البادية المغربية يعرفون قدره و قيمته جيدا أكثر من سكان المدن ، أليس الفضل بعد الله يرجع للحمار في فك العزلة عن الكثير من القرى ، والتي عجزت وزارة النقل و اللوجستيك الوصول إليها ، وذلك رغم كل الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها ، وكذا الميزانيات الضخمة المرصودة لها ، لقد كان الحمار أسرع في نجدت الفلاح في البادية عند حلول الكوارث الطبيعية ، في حين يكتفى وزير النقل بالكلام و بتدبيج الخطب الفارغة أمام الكاميرات ، هذه فقط بعض مزايا الحمار في الميدان الإجتماعي ، والآن سنذكر بعض مزايا الحمار في الميدان السياسي ، فإذا كانت وظيفته الأساسية هي نقل الناس من القرية إلى السوق أو إلى المدينة ، حيث تكون سرعته بطيئة نسبيا لكن في الميدان السياسي تكاد سرعته تقارب سرعة الضوء ، ويظهر دوره المحوري عند كل استحقاق انتخابي وطني أو محلي ، حيث يكون له نصيب الأسد في تنشيط الحياة السياسية عامة والإنتخابية خاصة ، لقد استطاع نقل مرشحين من القرية إلى المدينة ، ومن المدينة إلى البرلمان ثم الوزارة و رئاسة الحكومات ، ثم إلى الجهات و العموديات والجماعات ، ومن ظلمات الفقر إلى أنوار الغنى حيث الدولار و الشهرة والجاه ، فكان المرشح بالأمس لا يملك حتى قوت يومه ، فأصبح اليوم بعد أن امتطى ظهر الحمار في ميدان السياسة يستفيد من خيرات البر و البحر ، وأصبح من المصنفين في وكالة “فوربيس ” لترتيب أصحاب الملايير ، بالدارجة المغربية “كيتبورد” فالملايير بلا حسيب ولا رقيب… ، لهذا يشكل ظهر الحمار في الميدان السياسي جسر عبور إلى الثراء و الجاه ، لكن الكارثة إذا قاطع الحمار السياسة بما فيها الإنتخابات ورفض منح ظهره للمرشحين ، عندها قد يحدث زلزال سياسي تسقط بسببه عدة رؤوس..!! ، إن للحمار السياسي دور مهم و محوري في حفظ استقرار الكثير من الدول ، لأنه صبور لا يغضب و لا يشك في نوايا الحكام ( داير النية ) ، قليل التذمر و الشكوى يقنع بالقليل ، و يكره النقابة و النقابيين بسبب كثرة مطالبهم..!! ، لهذا فلا يمكن تصور استقرار أي حكم بلا حمير ، باختصار الحمار السياسي لن نوفيه حقه وقدره مهما قلنا ، لكن يمكن لمن اطلع على هذا المقال أن ينشره مساهمة في رد شيء من الإعتبار لهذا الحمار في الميدان السياسي…لقد قمت بإعادة نشر هذا المقال لسببين : الأول – هو بعد متابعة واعتقال برلمانيين ورؤساء جماعات وعلى رأسهم رئيس جماعة لفقيه بن صالح .. وذلك بعد ضبط اختلاسات بالملايير
الثاني : – هو الإنتخابات التركية المهمة والتي قد يكون لنتائجها تأثير في المنطقة والعالم ، وهذا لنقوم بمقارنة بين الإنتخابات في تركيا وفي بلدان عربية و مسلمة…
ملاحظه هامة : ليس بالضرورة أن يكون للحمار في الميدان السياسي أربع قوائم يمكن الإكتفاء هنا بقائمتين فقط..!!
*الحمار البلدي
يكون داكن اللون يميل إلى السواد..تميزا له عن الحمار الرومي الأشهب فاتح اللون

اترك رد