تخريف الجزائر وخرف حكامها (موقف سكان الريف منها)

بقلم: حسن حلحول (*)

يعد سكان شمال المغرب بصفة عامة ومنطقة الريف بصفة خاصة ،من المناطق الاستراتيجية للمغرب لقربها إلى إسبانيا شمالا ومن جهة أخرى لقربها إلى الحدود الجزائرية شرقا.
فهده المنطقة عبر التاريخ كانت حضارة البحر الأبيض المتوسط وثقافة شعوبها لها تأثير كبير على عقل هذه الشعوب لوجود المشترك السسيوثقافي بما فيها عقل الريفي
وحسب علماء الأنثروبولوجيا الذين بحثوا في بنية تكوين عقل منطقة الريف، أجمعوا على أنهم ليس كأي ناس طباعا وسلوكاً وفكرا. فهم أكثر تعصبا بمعتقداتهم، وأكثر شجاعة بالجهر بالحقيقة، ولكنهم أكثر الناس في العالم تشددا وتعصبا واستنكارا للخيانة فأي شخص خائن يعد مذموما يجلب العار عليه وعلى عائلته بل قد يصل الأمر إلى قتله من قبل عائلته نفسها عربون على أن العائلة بريئة من عار الخيانة الذي جلبه أحد أفراد العائلة والتخلص من وصمته،هكذا يفكرون منذ زمن بعيد.لأن من شيمهم الشهامة والشجاعة والأنفة.
إن سكان الريف واعون بما يجري حولهم ، فهم يعرفون جيدا الجزائريين وخبروا الاسبان منذ قرون ، فلن يستطيع أي من هاتين الدولتين أن تزعزع إيمانهم بمغربيتهم و تشبثهم بالملكية الشريفة .
انا وباعتباري ابن منطقة الريف أعرف أكثر من الغير، كيف يفكر أهل الريف فلا يمكن لأحد أن يزايد علينا أو يأتي الجزائريون لكي يروجون الوهم الذي يخيم في مخيلتهم ، فهم أكثر الناس جهلا بمنطقة الريف وثوابتها ، فأقول للجزائريين اطمئنوا فلن تنالوا شيئا من سكان الريف الذين يربطهم بالملكية روابط البيعة الدينية والمحجة البيضاء منذ القدم، فلن يسمح سكان الريف للجزائريين أن يتلاعب بهم وما أظن أن الجزائريين يبغون الخير لأهل الريف ، لأنهم لم ينسو ولن يتجاهلوا ما فعلوه بهم عندما قام هواري بومدين في سنة 1975 م بطرد المغاربة في يوم عيد الأضحى وكان يشكل المطرودين من الريف 90% بشكل مناف للقانون الدولي الإنساني ، فهم تم طردهم بصفتهم مغاربة وكيف يتحدثون الأن عنهم بغير انتمائهم للمغرب، بمعنى أن الجزائريين بعد اعتراف المغرب بحكومة القبايل ونشر الخريطة الحقيقة لهذه المنطقة المستعمرة من قبل نظام الجنرالات بالقوة والقمع التي هي منذ الأزل لا تعترف بالنظام الجزائري ، أرادوا استعمال سكان الريف لكي يثير الجدل حول علاقة سكان الريف بالملكية، وهذه اللعبة المكشوفة لن يسمح لها سكان الريف ولن يرضو لأنفسهم اتباع أهواء الجزائريين الرخيصة والدنيئة .
كل شيئ يقبله الريفيون إلا خيانة بلادهم وثابتها المقدسة، فدمهم أحرار لن يقبلوا للجزائر ان تلعب بهم لأنها لو كانت تحب الخير لسكان الريف، لكان من الباب الأولى أن تصرف هذا الخير في الشعب القبايل المقهور وتعاملهم معاملة المواطنين داخل بلدهم، وهذا ما لم يكن ولم يشعروا به ، بشهادة أهل القبايل، فلم يستطع النظام الجزائري اتخاذ أي خطوات إيجابية تجاههم بخصوص اللغة والثقافة الامازيغية إلا بعد أن احرجها المغرب بالخطوات الجبارة التي قام بها في هذا الإطار.
إن سكان الريف ليسوا بأناس سذج أو لا يفهمون ولا يقرأون ما يقع حولهم فالجزائر تأوي البوليساريو وتدعمهم ليس حبا فيهم أو دفاعا عن مبدأ تقرير مصيرهم كما تسوقه ، فإن المبادئ لا تتبعض ولا تتجزأ فهي وحدة متكاملة، فلتطبق على نفسها هذا المبدأ الفضفاض حتى تمكن حكومة القبايل باستقلالها التام على أراضيها المغتصبة.
مع الأسف الإسبان زجوا بأنفسهم في هذه اللعبة القذرة ضد المغرب و أقحمت نفسها بشكل مكشوف ،عندما استقبلت ابن بطوش للعلاج، والعلاج في حد ذاته يؤكد تورط الاسبان في دعمهم العلني للبوليساريو.
إن ما قامت به الحكومة الإسبانية عندما حاولت ادخال إلى بلادهم بن بطوش خفية، بوثائق مزورة وهي تعلم مسبقا به،يعد جريمة ينص عليها القانون الجنائي الاسباني ،وضربة لاستقلالية القضاء ومبادئ الديمقراطية، لا يمكن أن نتصور أن يكون الانفصالي ليس اسباني أن يتمتع بالحقوق غير مخولة للاسبان، ويمكن القول في هذا الإطار بل جاز لنا القول أن بن بطوش له امتيازات قضائية وقانونية ودستورية على بنت العاهل الإسباني التي مثلت أمام القضاء وحضرت المحاكمات وطبق عليها القانون، ولم تكن فوق القانون كما هو عليه ابن بطوش الذي استفاد من فساد القرارات الحكومة الإسبانية، مما يستوجب مساءلة الحكومة قضائيا.
إن النظام الجزائري مخطئ إذا ما أعتقد أن يثير النعرات القبلية ويخلق جدالا حول منطقة الريف، إن الريفيين لا يسمح لهم التكلم باسمهم أو توظيفهم توظيفا بشكل دنيئ وفاسد، فإذا كانت نواياها الخسيسة انكشفت وفضحت،فإنني أقول لهم أن المغرب عامة والريف من ضمن ساكنته يقومون ببناء مؤسساته تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس،
فاليعلم النظام الجزائري أن لا علاقة لكم بالريف والريفبين فإياكم أن تظنوا أن الريف لقمة سائغة كالبوليساريو.فتاريخ الريف دائما تاريخيا لهم روابط بسلطان المغرب وهي روابط البيعة ،بل أن عبد الكريم الخطابي لم يثبت قط أنه نزع البيعة من سلاطيين المغرب والدليل على ذلك استشارات والرسائل التي كانت يتبادلها مع سلطان مولاي عبد الحفيظ والهدايا التي كان يقدمها له من فينة لاخرى.
إن سكان الريف هم مغاربة يوجدون في مغربهم متماسكا وقويا،والمغرب يوجد في قلوبهم، وهم مخلصون لشعار الله الوطن الملك، وأدعو إلى الإنتباه إلى المخطط الجزائري المكشوف الذي يستهدف المغرب منذ فجر الاستقلال لا تفوت عنها الفرصة في أي مجال أو محفل إلا وأعلنت بكل وقاحة معارضتها لمصالح المغربية ،ولقد تذكرت ما وقع لي في المؤتمرالعام الرابع والعشرين لاتحاد المحامين العرب المنعقد في تونس بتاريخ 15/مارس/2019 عندما نشب سجال حاد بيني وبين أحد السوريين الموزعين لورقة في القاعة تتضمن تقرير مصير البوليساريو فتطور إلى حد الاصطدام به ،أفضى ذلك إلى وقف أشغال المؤتمر على ما يقرب نصف ساعة إلى أن تم إعلان نقيب السوريين باعتذار رسمي من فوق المنصة للمحامين المغرب ووعدنا بالاتخاذ المتعين في حق المحامي السوري الذي قام بهذا الفعل المشين وبهذا قمت بالتصدي لهذه المحاولة الجزائرية المفضوحة ، وهذه المعاكسات المتكررة الصادرة عنها ترجع إلى علة أساسية تتعلق بـالطغمة الحاكمة، التي ورثت الحكم من الدولة الكولونيالية الفرنسية المبنية على الاستحواذ والاستغلال ، ولا تؤمن بالأمن والأمان والاستقرار للشعب الجزائري، والشعب بعيد كل البعد عن لاجوندا التي تخدمها هذه الطغمة التي أصيبت بالخرف والهوس، المتمثل في معادة الوحدة الترابية للمغرب ومحاولة التشويش وعرقلة مسيرته التنموية التي تسير في الاتجاه الصحيح عكس الجزائر التي ضيعت سنين في الاجترار اسطوانات تقرير المصير، و تغافلت عن متطلبات وتطلعات الشعب الجزائري الشقيق، الذي يقف مستنكرا بصمت التوجهات النظام الجزائري العدوانية التي يكنها للمغرب.
(*) محام بهيئة الرباط

اترك رد