تعيين السفراء الجدد: توجه ملكي لمغرب جديد إزاء محيطه الدولي

بالواضح

في ظرفية دقيقة سياسيا وأخرى اقتصاديا نتيجة الحراك الدولي الذي تقوده الشعوب وبعض التيارات السياسية، كما هو الحال في الجزائر وليبيا وفلسطين وسوريا واليمن ومالي، وكذا التداخلات التي يمكن معاينتها على المسرح الدولي حيال هذه القضايا، ومن جهة أخرى ما أنتجته جائحة كورونا من وضع اقتصادي جديد يستدعي الاسراع في وضع سيناريوهات مناسبة لإقلاع اقتصادي وطني يأخذ بعين الاعتبار المحيط الدولي؛ نتيجة لكل هذا وذاك يمكن الاقتناع بأن الدينامية التي عرفتها الديبلوماسية المغربية على مستوى تعيين السفراء يضعنا أمام بناء مشهد جديد للمملكة المغربية وهي تنسج خيوط الأمل والمستتقبل في علاقتها مع الآخر.

إن التعيينات الأخيرة جاءت استجابة للأحداث السياسية والاقتصادية التي طفت على السطح، خاصة ما تعلق منها بتوتر العلاقات مع دول الخليج، والهجمة الاعلامية غير المبررة لهذه الدول على المملكة وما يحدث في الجزائر من تصدير أزمات داخلية عبر خلق أجواء مشحونة مع المغرب، لإبعاد الانتباه على ما يجري داخليا دون إغفال ما تعيشه المنطقة الليبية من صراع للنفوذ الدولي كما هو واضح في التنافر الفرنسي التركي في هذه الأيام الأخيرة وما إلى ذلك من سياقات سياسية تحتاج إلى ضخ دماء جديدة في اليبلوماسية المغربية، رغبة من المملكة في لعب دورها كاملا كبلد يجنح إلى السلم ولا يجري خلف المغريات كيفما كان نوعها ليظل وفيا لمبادئه الديبلوماسية نحو إقلاع سياسي يخدم الشعوب.

الملاحظ في هذه التعيينات التي صادق عليها المجلس الوزاري الأخير برئاسة جلالة الملك أنها تستهدف إعطاء السياسة الخارجية المغربية وضعا آخر يناسب جدية المملكة في تناول الأحداث إنطلاقا من تعيين كاتبة دولة سابقة في الخارجية في منصب كاتبة عامة للوزارة، إذ يروم صانع القرار تغذية دينامو وزارة الخارجية بشخصية مجرّبة دولية وعليمة بخبايا الأمور من خلال رحلاتها المكوكية بين الدول إبان توليها منصبها الذي أشرنا إليه سلفا ككاتبة للدولة في الخارجية؛ وتعزيزا للعمل العربي المشترك ورأب الصدع مع بعض البلدان، لم يتردد المغرب في تعيين سفراء جدد أملا في دفعة قوية لهذه العلاقات، خاصة تلك المتعلقة بدول الخليج والجارة الجزائر.

وحرصا من المملكة المغربية على اهتمامها المتزايد للعمق الافريقي، فقد عرفت الديبلوماسية تعيينات جديدة همت العديد من الدول، خاصة وأن الملك محمد السادس هو من اقترح استراتيجية مشتركة مع الدول الافريقية لمكافحة كوفيد 19، كما تجلى ذلك على أرض الواقع من خلال المبادرة الملكية المتمثلة في تقديم الدعم الصحي لخمس عشرة دولة إفريقية.

ولأن العالم قرية صغيرة يعيش حالة تأثير وتأثر، فإن المغرب شمل عدة مناطق بديبلوماسيين جدد، بغية إبراز حضوره انسجاما مع الدور الرائد للمملكة في حوار الحضارات والتقارب بين الشعوبن إغناء للأمن العالمي.

اترك رد