ظهورُ الملك أجندةٌ ملكية وضربةٌ موجعة للتيار المغرض

بالواضح

تابع الرأي العام باهتمام بالغ وأهمية كبيرة ظهور جلالة الملك على الساحة الوطنية اعلاميا، بمناسبة حلول شهر رمضان الأبرك الذي خصّه الله بليلة القدر، وهي خير من ألف شهر. وهذا الظهور الملكي يأتي تجاوبا مع مسؤوليات جلالته كرئيس للدولة وأمير المؤمنين من خلال أنشطة اجتماعية ودينية وتنموية، وعلى رأسها الدروس الدينية الرمضانية، و قفة رمضان الموجهة إلى شريحة معوزة من المواطنين، التي تحظى بعطف جلالة الملك بوصفه الفاعل المدني الأول الذي يكرس بصفة أو بأخرى مفهوم الدولة الاجتماعية ومفهوم التماسك الاجتماعي من بوابة مؤسسة محمد الخامس للتضامن، هذه المؤسسة التي تشكل مثالا يحتذى للمجتمع المدني كرافعة اجتماعية لخدمة الوطن، وهي مؤسسة لطالما أشرفت على مؤسسات استشفائية واجتماعية بكل تجلياتها المجتمعية الهادفة إلى خدمة الأطفال والشباب والنساء وكافة الشرائح والفئات الاجتماعية.

إن هذا الظهور لجلالة الملك أشعل مواقع التواصل الاجتماعي كبيعة أخرى ذات رمزية وجب على كل المحللين السياسيين والاجتماعيين الوقوف عندها لاستجلاء مدى علاقة الشعب بالعرش وحب المواطن للملك، كما أن هذا الظهور يكرس بجلاء الفكر المؤسساتي للدولة المغربية، إذ أنه منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين عام 1999 من القرن الماضي، حرص على البناء المتين لمؤسسات الدولة، وقد تعززت هذه الرغبة الملكية في جوهرها بدستور 2011 ليتبين بالملموس أن خدمة الوطن والمواطن موكول للمؤسسات كل حسب موقعه واختصاصاته، حيث إن المملكة المغربية أصبحت في مصاف الدول التي جعلت من بنائها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ركنا في تطوير المجتمع من خلال المؤسسات التشريعية والمؤسسات التنفيذية والمؤسسة القضائية ومؤسسة السلطة الرابعة المتمثلة في الاعلام وأصنافه والسلطة الخامسة التي يعبر عنها المجتمع المدني وأطيافه.

في هذه الأجواء تأتي المؤسسة الملكية كراعية لهذه السلط الخمس إلى جانب مؤسسات الحكامة الدستورية، تكريسا لمفهوم المؤسسة الذي يصعب على البعض استيعابه ويخلط بين الأدوار المنوطة بكل هذه المؤسسات، إذ أن المؤسسة الملكية هي حَكَم وراعٍ بقوة الدستور وبقوة التاريخ والحضارة، التي كانت دائما على الدوام جزءا من نمط العيش السياسي المغربي، حتى إن الدولة الحديثة أفرزت مؤسسة ملكية يشكل الملك فيها قطب الرحى للفعل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني فهو رئيس الدولة وأمير للمؤمنين والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية ورئيس أركان الحرب العامة.

إن التيار المغرض اختلطت عليه الأوراق كما أن نزعة النقد لديه فقدت بوصلة التاريخ وهي تتناول الشأن المحلي المغربي متناسية أو متجاهلة أن الظهور الملكي مرتبط بأجندة مضبوطة ومسؤولية منوطة بالمؤسسة الملكية، كما أن ظهور جلالته كان الحرص فيه دائما أن يكون ظهورا مسؤولا يليق بمقام رئيس الدولة ومقام هذا البلد العريق التي تعد الملكية فيه من أقدم الملكيات في العالم، انسجاما مع عراقة هذا الشعب الأبي الذي تسرّه إطلالة جلالة الملك، احتفاء وحبا وتوددا، كما أن المغاربة يعلمون علم اليقين أن الظهور الملكي خاضع لترتيبات ومواعيد في احترام للدولة والشعب وما يربطهما بالعرش، وعلى رأس هذه المواعيد ذكرى عيد العرش وذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب وذكرى المسيرة الخضراء وشهر رمضان الأبرك وافتتاح الدورة التشريعية.

أمام هذه البرمجة المضبوطة فإن المملكة المغربية ملكا وشعبا توجّه رسالة قوية إلى أولئك الذين يحرصون على الظهور المجاني لبعض الرؤساء وقد تكون الغاية منها الإضرار بالدار والجار، لتظل المدرسة المغربية مرجعا أساسيا لبناء الدول والمجتمعات.

اترك رد