غياب منهجية التواصل فيمن يتصدرون الإعلام في ظرفية كورونا

بقلم: د. خليل مرزوق

هناك مشكل حقيقي في منهجية التواصل عند من يتصدرون المشهد العمومي بالمغرب هذه الفترة، وكنموذج، فالبعض منهم يعطي لنفسه الشرعية الكاملة أن يصرخ في وجه المواطنين ببعض النصائح المتهالكة ظنا منه أن المواطن حجرة يجب كسرها لتعبيد الطريق نحو الانعتاق من أزمة ما، او أن هذا المواطن قطعة حديد معوجة وجب تقويمها بالعنف اللفظي حتى تؤدي الدور المنوط بها في مرحلة ما، وهذا هو الجهل الاكبر الذي يسكن العقل الباطني لمثل هؤلاء المصلحين الصالحين عند أنفسهم، أو على الاقل هو وهم في مرحلة ما.
بداية وفي معرض الحديث عن التواصل في ظل جائحة كورونا، يمكن أن نبدي الملاحظات التالية:
1 هناك تواصل متزن بنسب محترمة (الناطقون الرسميون باسم وزارة الصحة نموذجا).
2 هناك غياب للتواصل أو كونه غير موفق في جانب معين مهم للغاية من قبل من يدبرون الشأن العام (رئيس الحكومة نموذجا)
3 هناك تواصل بنكهة السب والقذف والتجريح ولي مامربيش نربيو يماه، تواصل عنيف وغير ممنهج وفارغ المحتوى ( بعض الصحفيين وبعض رجال ونساء السلطة وبعض الفاعلين الجمعويين نموذجا).
سأقف عند الصحفي الغماري، لنختصر الكلام؛ بداية تدخلاته بالقناة الوطنية كان يُستقرأ منها نوع من الغيرة على الوضع الصحي بالبلاد، بلغة شعبية بسيطة قد تبدو، لكن ومع مرور الأيام أصبح فيها مزيج من الأمر والشتم الرومانسي وأحيانا كثيرة انفعال وصراخ يدل على ان الشخص باعتبار تداول صورته وإفيهاته عبر وسائل التواصل؛ قد أكسب نفسه شرعية التحدث كما يشاء ومخاطبة الشعب بما يشاء، واختيار ما يشاء من الألفاظ بنسبة ارتفاع الصوت التي يشاءها وتتماشى مع درجة انفعاله.
نعم هو انفعال وليس خوف على صحة المواطن في نظري مع احترام شخص الغومري، لأن الخوق يرجئنا إلى تركيز أصواتنا انسجاما مع أهمية الرسالة ولا يمكن ان يكون هذا التركيز في زحمة الصراخ، وهو كذلك انفعال ليس مبعثه الانزعاج من تمرد البعض على قواعد حالة الطوارئ، انما سببه الأساس إحساس الشخص بكونه فوق الكل رمزيا، من خلال إكساب الشعب له عبر تداول إفيهاته والاشادة به في بداية الازمة؛ شرعية معينة.
هذا حالنا نحن سكان شبه شمال إفريقيا، نتدافع بالعاطفة نحو نصرة النخب ولو لم نعلم من كفاءتها شيء، لا نفكر كثيرا في ما يصدر عن الآخر بين كونه واجبا يحترم الضوابط أم صدقة لا تخوله إهانتنا، نلغي كل هذا ونركز على التصفيق له فقط، ربما نحن معدورون، فنحن شعوب تربت على الفشل وقلة التصفيق.
مقولة ان الشعوب تصنع طغاتها لا تقتصر للأسف على صنع حاكم ظالم، إنما ايضا تمتد إلى التعبير عن صنع المحكوم لمحكوم ظالم؛ وهذا جزء من تخلفنا الذي مبعثه جهلنا جميعا بمعايير تقييم الوظيفة التي يقوم بها الشخص، كما قلت سابقا، أهي واجب لابد ان يمتتل للضوابط، أم صدقة وتطوع لا يخول صاحبه إهانتنا.

اترك رد