كورونا عبر ودروس أكثر من كونها فيروس

بقلم: أبوزير المصطفى (*)

الحمد لله رفعت المملكة الحجر الصحي بضوابط وشروط احترازية لتحصين الشعب المغربي من هذا الفيروس اللعين ولعل ماميز هذه الفترة من تاريخ المغرب هو الاختبار الذي تعرضنا له جميعا كمغاربة ملكاً وشعباً إسوة بكل دول العالم في مواجهة هذه الجائحة رغم أن المتسبب فيها رغم حقارة وزنه وصغر حجمه هو فيروس نانومتري لعين لايرى لا بالعين المجردة ولا حتى بالمكبرة.

كورونا أظهرت حجمنا الاعتباري في نظر العالم واحترامه لنا بفضل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي كان مبادراً في تحمل مسؤوليته كرئيس الدولة، وقدوة ومثال يحتذى به كأول مساهم في صندوق مواجهة الجائحة للتضامن مع الفئات الفقيرة والهشة…

كورونا أظهرت لنا تضحيات رجال السلطة وهنا لا يمكن أن نغفل من تجربتنا كأطر عليا معطلة أننا كنا في علاقة صدام مع القوات العمومية في نضالنا من أجل الكرامة ولكن لكل حادث حديث فرجل الأمن أو الجندي كل من موقعه تعرض في هذه الجائحة لاختبار مجهول المصير لأنه في الوقت الذي فرض فيه الحجر الصحي وحالة الطواريء الصحية وأغلقنا أبواب مساكننا ولزمنا بيوتنا واجه هؤلاء الرجال دفاعاً عن مواطني المملكة هذه الجائحة بصدور عارية إلا كمامة قد تقي من هذا الفيروس الملعون وقد لا تنفع لأنهم كانوا في الصف الأول في احتكاك مباشر مع المواطن إسوة بالجيش الأبيض وقد دفع العديد منهم إصابتهم بالفيروس ثمنا لتضحياتهم الجسام ومنهم من توفاه الأجل في حوادث سير مرتبطة بمهامهم في تأمين مواطني ومواطنات بعض البؤر الوبائية التي فرضت تحركات أمنية عاجلة ومستعجلة تقبلهم الله في عداد شهداء الواجب والذين يصدق فيهم إن شاء الله قوله تعالى “وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً” المائدة(32)

كورونا أظهرت لنا أن بعض المسؤولين غاب عنهم جرام من الإنسانية في علاقتهم حتى بالتصريح بمستخدميهم فما بالك بحقوق الناس ولكن ولأن رغم كل هذا الظلام هناك أمل ونور متقض في مسؤولين ارتبطت الإنسانية بتدبيرهم لقطاعات وزارية حساسة مثل قطاع التعليم والذين لمسنا فيهم تحركاتهم الميدانية لتأمين بنات وأبناء المغاربة في اجتياز إمتحانات البكالوريا في زمن الكورونا رغم أنهم كانوا أمام اختبار واختيار في اتخاد القرار وإلغاء هذا الامتحان من أصله وماقد يعتري ذلك من الارتياح من حجم المسؤولية والتي ستكون حملاً ثقيلاً على كل المتدخلين في هذا القطاع ولكن حس المسؤولية لهذا الإنسان الذي هو أب قبل أن يكون وزير كان يعي مايفعل وأن مصداقية البكالوريا المغربية أمام أنظار دول العالم فوق كل اعتبار هذه المصداقية والتي كانت مرهونة بسلامة تلاميذها وتلميذاتها وما أعقبها من جولات مكوكية جهة جهة إقليم إقليم ثانوية ثانوية قاعة قاعة قسم قسم طاولة طاولة، مما يجعلنا أمام إشادة شعبية بأنه عندما تكون المسؤولية مرتبطة بكفاءة رجالاتها خصوصا من أبناء الميدان الذي يدبرونه فعندها يصبح الاستثناء الذي لم نعتد عليه لسنوات خلت في هذا القطاع كون أن الرجل المناسب في المكان المناسب لتدبير قطاع في زمن الجائحة الذي لم يكن مناسب لخطورة هذه الجائحة والتي دبرت من طرفه بجدارة واقتدار والذي أشاد الجميع بسياسته التدبيرية وفريق عمله الذي كان في مستوى اللحظة التاريخية التي فرضت الحيطة والحذر والعمل الجاد والتواجد الميداني المسؤول.

كورونا وماتلاها من قرارات وإجراءات خصوصا ونحن نعرف حجم دولتنا ومواردها البشرية سواءاً منها الأمنية والعسكرية والطبية والتربوية مقارنة مع دول مثل فرنسا أو حتى الولايات المتحدة الأمريكية ليجعلنا نفخر بما حققناه حتى اللحظة من إنجازات تحت القيادة الرشيدة لرئيس الدولة.

كورونا جعلتنا نحدد مكامن الخلل وعناصر قوتنا وأنه من الآن فصاعدا أصبح علينا تحديد ميادين الكفاءات واختيار هاته الكفاءات بما يتناسب ومسؤولية القطاعات حتى تكون في مستوى التحديات والأزمات التي قد تعترينا كشعب وكدولة وستمكننا لا محالة وبدون أدنى شك من وضع نموذج تنموي جديد يراعي كل هذه التراكمات وماتحقق من منجزات وإنجازات وتصحيح بعض الاعوجاجات التي قد نصادفها في بعض المجالات.

كورونا كشفت عن ميزة الإنسانية عند بعض المسؤولين وعملهم الذؤوب في صمت وغيابها عن بعض من يتبجحون بدفاعهم عن حقوق الناس دون مراعاة حتى التصريح بمستخدميهم في تناقض صارخ بين مايقولون وبين ما يفعلون، كورونا فضحت هؤلاء وأظهرت لنا كم كنا مخدوعين في عدد منهم والذين هم على مصالحنا في نظرنا ساهرين وهم الذين يصدق فيهم قول الحق جل في علاه:”كَبُرَ مَقْتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفْعَلُونَ”الصف(3)

كورونا كشفت أن حقوق الإنسان فكر وممارسة وأن جوهرها وطنية صادقة في الدفاع عن حقوق المغاربة التعليمية والصحية والأمنية وليست حقائب للاسترزاق غابت عن أصحابها الأخلاق.

وختاماً نسأل الله أن يرفع عنَّا هذا الوباء ويعافي مصابينا ويحفظ المملكة من كل سوء؛ وخير مانختم به الكلام ماقاله سيد ولد آدم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام : “رحم الله عبداً عمل عملاً فأتقنه”.

وتبقى كورونا عبر ودروس أكثر من كونها فيروس حفظنا الله وإياكم منها بما حفظ به الذكر الحكيم.

(*) كاتب رأي مهتم بقضايا الشباب

اترك رد