كوفيد بآسفي لمساءلة أولي الأمر عن استمرارمسلسل الاحتقار والإهانة وهضم الحقوق ب”الوزينات”

بالواضح – عبداللطيف أبوربيعة
..” نسائلكم عن الإجراءات المتخدة للحد من تداعيات غياب شروط السلامة والتدابير الوقائية في معامل التصبير بآسفي لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد ، تفاديا لما وقع بإحدى الوحدات الصناعية في الدار البيضاء . هذا ونطالبكم بحماية عاملات قطاع التصبير اللواتي تشتكين من غياب أبسط شروط السلامة وأولها المسافة المفروضة بين الأشخاص التي أوصت بها وزارة الصحة تفاديا لانتشار هذا الوباء، كما ننبهكم السيد الوزير إلى أن إصابة عاملة واحدة داخل معمل لا قدر الله ستكون نتائجها كارثية، مما ينذر بتشكيل بؤرة مهنية بإقليم آسفي؟
كان هذا بالحرف نص السؤال الذي وجهته النائبة البرلمانية الشابة عن الدائرة الانتخابية من حزب الأصالة والمعاصرة “غيثة بدرونّ “بتاريخ الجمعة 17 ابريل 2020 لوزير الصحة غداة ظهور بؤرة وبائية صناعية بمدينة الدار البيضاء ..سؤال بقي دون جواب بل ولم تؤخذ بعين الاعتبار التنبيهات والتحذيرات التي تضمنها والتي تدخل ضمن التدابير الوقائية المتخذة لحماية مستخدمي معامل تصبير السمك بآسفي من فيروس كورونا. وها آسفي اليوم تكتوي بنار لا مبالاة المسؤولين وعدم جديتهم في التعامل مع الموضوع حيث الارتفاع الصاروخي والغير المسبوق بالمدينة لعدد الإصابات بكوفيد 19 في صفوف عاملات معامل التصبير وفي أوساط مستخدمي هذه الوحدات الصناعية وأسرهم ومخالطيهم من المواطنات والمواطنين بصفة عامة ، وهي الإصابات التي تعدت 500 ومرشحة للارتفاع في أي وقت لا قدر الله.
..وضع بؤرة آسفي إذن يضع المسؤولين وجها لوجه أمام الرأي العام الآسفي والوطني ويبرز بجلاء المهانة المقصودة في التعامل مع فئة من رعايا صاحب الجلالة : عاملات وعمال كادحون ساقتهم لقمة العيش المرة ليجدوا أنفسهم في مواجهة هذا الفيروس اللعين الذي جاءت الإصابة به لتفيض كأس البؤس والفقر والتهميش والحكرة التي يعانون منها على امتداد سنوات خلت وإلى الآن ..مهانة وإقصاء لا يسعنا ونحن نتلقى كل يوم الارتفاع المهول في عدد الإصابات بكوفيد 19 في صفوفهم و بين ذويهم والنقل اليومي عبر سيارات الإسعاف للعشرات صوب مراكز الاستشفاء بآسفي وخارجها كل يوم ( لا يسعنا) إلا الدعاء لهن ولهم بالشفاء العاجل للعودة إلى حياتهم الطبيعية. ومن هنا نعلن أن استشراء الوباء ببؤرة معامل التصبير بآسفي قد أماط اللثام و أسمع من به صمم بل و أنطق الأخرس حول أوضاع وظروف العمل الصعبة والغير قانونية والحاطة من الكرامة لهؤلاء الذين يعانين في سبيل الحصول على ” طرف د الخبز” كما يقول العامة من الناس ..واقع انتشار الوباء بآسفي جعلنا أمام مسؤوليتنا التاريخية في فضح الصور المأساوية من هذا الواقع المزري القديم الجديد لفئة من النساء والرجال العاملون بمعامل تصبير السمك.
فلا بد من الإشارة، والمناسبة شرط، أن المهانة والحكرة تبدآن منذ ساعة نقل العاملات إلى مقرات العمل أو “الوزينات” كما هو متعارف عليه بآسفي حتى تعدن إلى بيوتهن في نهاية عملهن ووهي العودة المحفوفة بالمخاطر خاصة وأنها تكون في الغالب في أوقات متأخرة من الليل : تنقلن عبر وسائل نقل مهترئة ( حافلات وشاحنات) تفتقد إلى أبسط شروط النقل الصحية والمريحة إضافة إلى تدهور حالتها الميكانيكية مما يهدد سلامتهن وحياتهن ويجعل الموت يتربص بهن باستمرار كما وقع مؤخرا لإحداهن الحامل التي فارقت الحياة، رحمها الله، إثر انقلاب حافلة لنقل عاملات وحدة صناعية لتصبير السمك كما أصيبت 23 عاملة أخرى ممن كن معها بإصابات متفاوتة الخطورة. المهانة تستمر أمام أبواب الوحدات الصناعية وهن ينتظرن لساعات طوال سمك السردين الذي يأتي أو لا يأتي ، ساعات لا تدخل في حساب الأجرة الزهيدة ، وهي الأجرة التي لا تغطي حتى الساعات الحقيقية للعمل المؤدى عنه. إهانة ومعاملة حاطة من الكرامة تلك التي تتلقاها العاملات داخل الوحدات الصناعية من حيث الانقطاع المتكرر لماء الشرب وغياب النظافة بالمرافق الصحية وعدم وجود قاعة للاستراحة والأكل بحيث تضطر العاملات إلى تناول وجبة الغذاء يوميا خارج الوحدات التي يعملن بها في الشارع العام وعلى مرأى من المارة محاطات بالكلاب الضالة والقطط في ظروف لا إنسانية ولا تليق حتى بالحيوان ( للتذكير وضعية تناول وجبة الغذاء هذه بالشارع العام اتخذها أغلب أصحاب المعامل عرفا ساري المفعول منذ سنوات وعلى مرأى من المسؤولين والنقابات والمنتخبين ولا من يحرك ساكنا). عاملات وعمال نالوا حظهم ولا زالوا من نفاق ورياء التمثيليات النقابيىة والغرف المهنية المعبر عنه عبر الأبواق الدعائية المأجورة وداخل الاجتماعات والمأدبات الدسمة الفخمة والمشروبات الباهضة الثمن على نكهات أغلى لفافات السيجار الكوبي. نساء عاملات كادحات وأمهات عبارة عن أصوات انتخابية تنقل عبر الشاحنات المهترئة مكدسات فيها كالبهائم بحث حناجرهم عشية كل موعد انتخابي أو عيد عمالي مجندات رغما عنهن للدعاية حاملات شعارات ومطالب مجترة تكرر في كل مرة ولا يحقق منها أي شيء. لا صحة، لا نظافة، لا ظروف عمل مريحة، لا معاملة إنسانية، لا أجور مستحقة ولا ضمير يؤنب أرباب العمل والمسؤولين لإعادة النظر في كل شيء ..أين الإنسانية ؟ أين ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ أين المواطنة الحقة ؟ اتقوا الله في العاملة والعامل يا أولي الأمر..ومع كل هذا نشد على أيدي أرباب وحدات صناعية لتصبير السمك بآسفي شكلوا الاستثناء وأبانوا عن حس وطني عالي وخلق إنساني اتجاه العمال والعاملات لديهم وبشهادة هؤلاء.

اترك رد