أفسدتم علينا حلاوة الديمقراطية (بليكي)

بقلم: أحمد عنج

واخيرا شهد شاهد من اهلها، وأجاب عن سؤال عريض ظل المواطنون ومنذ فترة زمنية طويلة يبحثون عن جوابه، بعضهم في صمت وآخرون في العلن، سؤال حول مقاصد البرلماني المغربي من الترشح والتنافس على منصب تحت قبة البرلمان.
فإن كان واقع السياسة في مفهومه العام ان السادة نواب الأمة، يمثلون الشعب في تدبير الشأن العام ولا غير سوى الشأن العام، حسب مفهوم الديمقراطية الحقة، كما نظر الى ذلك الفلاسفة والمفكرون، وعلى حد قول جون جاك روسو في كتابه العقد الاجتماعي(أن الإرادة العامة تصدر عن الجميع لتُطَبَّق على الجميع، وتفقد سدادها الطبيعي عندما تهدف إلى غرض شخصي معين) وقوله (العقد الاجتماعي، وهو عادل؛ لأنه مشترك بين الجميع، وهو نافع؛ لأنه لا غرض له غير الخير العام).
لكن يبدو ان البرلماني المغربي يبقى بعيدا عن هذه المفاهيم، عن جهل او تجاهل، وما صرح به السيد النائب البرلماني (البيليكي) لدليل ساطع لا يحتاج توضيحا عن مقاصد واهداف التنافس الانتخابي.
شخصيا لا ألوم الرجل على قوله، وانما أحييه على شجاعته (وإن كانت هفوة منه) على صدقية تعبيره امام الملأ وأمام اضواء الكاميرات وعلى شاشات التلفاز يلقيها في وجه الجميع، الثمثيلة النيابية ليست فحسب وضع القوانين وصنع السياسة وليست (لله)، وانما هي لحاجة في نفس يعقوب، وليقصر فيها نصيب، فلنعطي قيصر ما له.
الا يعلم السيد النائب ان تدبير سياسة اقتصادية حكيمة، كنهها عدالة توزيع الثروة، لا الاستئثار بها (بيليكي).
الا يعلم ان القضاء على الفقر والتقليص من حدته وتنمية المجتمع وتقدمه، اساسه تدبير حكيم ومن أسسه تحقيق الكفاية للفقير قبل تسمين تعويضات المسؤول.
في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز نثر القمح على رؤوس الجبال من فائض أموال الزكاة ولم يوزعها على الولاة والامراء بل أكثر من ذلك منع الامراء والكبراء من الاستحواذ على ثروة الأمة، وبه تمكن من سد حاجات الناس وتحقيق فائض كبير.
فكيف نسي السيد البرلماني عظم المسؤولية الثقلية الملقاة على عاتقه في الدفاع عن الحقوق العامة للأفراد وتبني سياسة رشيدة في الانفاق خدمة الصالح العام؟ لا خدمة الجيوب والنفخ في تعويضات المسؤولية وتقاعد مريح بدون اسداء خدمة ولا القيام باي واجب. فكيف تجاهل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الفرد المغربي الذي تعتصره طاحونة الحاجة والفقر ، ويل للهشاشة، وغول الاسعار .
نحن لا نطلب من للسيد البرلماني خدمة مجانية لكن عدم الاسراف واستنزاف المال العام في ما لا طائل فيه، وتحقيق مساواة وعدالة أجرية لتقليص الفوارق والتفاوت الاجتماعي.
ولتكن لنا اسوة في عدالة الاسلام زمن سلفنا الصالح حين طلب الخليفة عمر بن عبد العزيز من عامله ان يشتري له عسلا، وحُمِل العسل على ظهر حمير البريد، فقام الخليفة الرشيد ببيع العسل ودفع ايراده لبيت المال، وقال لعامله لقد افسدت علينا حلاوة العسل.
ونحن نقول للسيد البرلماني وفصيلته لقد افسدتم علينا حلاوة الديمقراطية.
الديمقراطي يفضح ويحارب الفساد، من خلال الأجهزة الرقابية، لا الاستقواء بالتنظيمات المختلفة والتكتلات المشوهة للاستحواد على أكبر نصيب من الثروة.

اترك رد