"ألغام" بان كي مون في تقريره حول الصحراء
من بين ما لفت الأنظار خلال تقرير بان كي مون السنوي حول الصحراء المغربية، هو إشارته المبطنة والمضمرة إلى مسألة استفادة ساكنة الأقاليم الجنوبية من الثروات، وهو أمر لا يختلف عليه اثنان، ولكن ما يفهم منه أيضا من تبعات هذا الكلام، ما يستتبع ذلك من منع الاستثمارات الأجنبية بالمنطقة، وهي الذريعة نفسها التي كانت وراء القرار الأخير للمحكمة الأوروبية القاضي بإلغاء الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وإن كان هذا الأمر لا يدعو بالضرورة ولا اطردا إلى منع الاستثمارات الأجنبية بالمنطقة، باعتبار أن المستفيد الاكبر يبقى هم ساكنة الأقاليم الجنوبية، فإن هذا الأمر ليس بجديد على قضية الصحراء، باعتبار أن المغرب كان سباقا إلى هذا التوجه، حيث تنص الجهوة المتقدمة المغربية على تمكين الأقاليم الجنوبية من صلاحيات واسعة في مجال تدبير مواردها المالية والطبيعية.
إلا أن موقف جبهة البوليساريو يختلف هنا مع تقرير بان كي مون، خاصة عندما أكد الأخير أن الحل يكمن في أن يستفيد سكان المنطقة من الثروات الطبيعية، وأن تكون لهم الأولوية، وهو التوجه نفسه الذي يسير فيه المغرب، خصوصا بعد إعلان مخططه لتنمية الأقاليم الجنوبية بقيمة 77 مليار درهم.
ومن الأسطر الملغومة التي ملأت تقرير كي مون هي مسألة حقوق الإنسان ففي الوقت الذي نوه فيه الأمين العام الأممي لأوضاع حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية، ودعوته للمرة الثانية إلى إحصاء ساكنة تندوف، فإن “بان” لم يخف تعاطفه مع جبهة البوليساريو ودعا إلى جلب المزيد المساعدات المالية، اعتمادا على زيارته الأخيرة إلى المنطقة التي استحضرها في تقريره، ووقوفه على حجم معاناة ساكنة المخيمات، ما يتطلب “الرفع من المساعدات لتلك المناطق”.
وما لم يستحضره هنا بان كي مون في تقريره هي التقارير الدولية والأوروبية التي كشفت سرقة المساعدات الدولية من قبل جنرالات الجزائر، وكذا تغافل التقرير أيضا عن مسألة “الإحتجاز” الذي قهر ساكنة تندوف، حيث طغت مشاهد هروب الساكنة بين فينة وأخرى إلى موريتانيا للمرور إلى المغرب، كلما سمحت لهم الفرصة بذلك.