بالواضح – نور الدين اللوزي
أكدت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن إدماج الذكاء الاصطناعي في الاستراتيجيات الوطنية يشكل مدخلاً حيويًا لممارسة السيادة وتعزيز ثقة المواطنين في الدولة.
وأوضحت الوزيرة، في كلمتها خلال افتتاح أشغال المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي، المنظمة تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، أن إدماج الذكاء الاصطناعي في أفق وطني استراتيجي يعد شرطًا أساسيا لضمان توافق التكنولوجيا مع منظومة القيم والديمقراطية.
وسجلت أن الذكاء الاصطناعي لم يعد تكنولوجيا مستقبلية بل واقعًا معيشًا، يعيد تشكيل ملامح التعليم والصحة والحماية الاجتماعية وإعداد التراب الوطني، كما يدفع إلى إعادة النظر في مفاهيم الإنصاف والنجاعة والسيادة والوثوقية.
وأضافت السغروشني أن الذكاء الاصطناعي يجب ألا يُنظر إليه كأداة تقنية محضة، بل كمسؤولية مؤسساتية تتطلب تحديث أنماط التفكير العمومي، وصناعة القرار، والمساطر، وبناء جسور جديدة للثقة بين المواطن والدولة.
ولفتت إلى أن هذا التطور يفرض مسؤولية مزدوجة تتمثل، من جهة، في التخلي عن التصورات التقليدية للإدارة، ومن جهة أخرى، في إعادة توجيه الاستراتيجيات الوطنية، وفي مقدمتها “المغرب الرقمي 2030”، نحو اعتماد الذكاء الاصطناعي كخيار استراتيجي.
كما أبرزت أن الذكاء الاصطناعي يحمل مفارقة كبرى تتجلى في قدرته على تعميق الفوارق أو تقليصها، ما يستدعي جعله أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان ولوج عادل ومنصف للفرص والموارد.
وبخصوص البعد الإفريقي، شددت الوزيرة على أن المغرب واعٍ تمامًا بأن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد سباق تقني، بل قضية سيادة رمزية ومادية، ومحور لإعادة تشكيل التوازنات العالمية، مبرزة أن المملكة تنخرط بمنطق “التموقع النشط” من أجل ذكاء اصطناعي إفريقي منفتح ومتجذر في قيم القارة.
ووصفت السغروشني هذا اللقاء الوطني بلحظة تأسيسية تحمل إرادة جماعية لبناء رؤية مغربية واضحة المعالم، تتفاعل مع هذا التحول العالمي المتسارع، في انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تسريع التحول الرقمي وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني.
واعتبرت أن هذه المناظرة تتيح ثلاث فرص مركزية: تبادل التجارب بين القطاعات، بلورة خارطة طريق جماعية لإدماج الذكاء الاصطناعي في السياسات العمومية، ووضع مخطط عمل لتنزيلها.
وختمت بالتأكيد على ضرورة الانخراط الجماعي في أفق سيادي لتدبير التحول التكنولوجي، بشكل يليق بأمة تؤمن بالإصلاح وتراهن على الذكاء الاصطناعي كمحرك حقيقي للتنمية.
يذكر أن هذه المناظرة الوطنية، المنظمة تحت شعار “استراتيجية ذكاء اصطناعي فعالة وأخلاقية في خدمة مجتمعنا”، تروم وضع أسس استراتيجية وطنية سيادية للذكاء الاصطناعي، منسجمة مع أولويات القطاعات الحيوية والتوجيهات الملكية.
وينقسم برنامجها إلى يوم أول مخصص للجلسات التقنية والعروض التوضيحية، ويوم ثان يُعنى بالأبعاد السياسية والتعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي.