السغروشني: الذكاء الاصطناعي ورش وطني للسيادة الرقمية وخدمة المجتمع
في أفق انعقاد المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي يومي 1 و2 يوليوز 2025 بالعاصمة الرباط، عقدت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، لقاءً إعلاميًا مساء السبت، قدمت خلاله الخطوط العريضة لهذا الموعد البارز، الذي يُتوَّج مسارًا من العمل المؤسساتي والفكري الرامي إلى جعل المغرب فاعلًا محوريًا في الثورة الرقمية العالمية.
وأكدت الوزيرة أن هذه المناظرة، التي تنعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تمثل خطوة تأسيسية نحو بلورة استراتيجية وطنية في مجال الذكاء الاصطناعي، قائمة على النجاعة، والأخلاق، والسيادة الرقمية. كما شددت على أن الطموح المغربي لا يتجه نحو استهلاك التكنولوجيا فقط، بل يسعى إلى تطوير حلول وطنية ملائمة لاحتياجات المجتمع، تُسهم في الدفع بعجلة التنمية.
وتوقفت الوزيرة عند جملة من التحديات المرتبطة ببناء منظومة وطنية للذكاء الاصطناعي، في مقدمتها العنصر البشري وقوة المعالجة الحسابية. واعتبرت أن الاستثمار في الكفاءات هو المدخل الأول لهذا الورش، موضحة أن الذكاء الاصطناعي مجال دقيق يتطلب باحثين ومطورين ذوي مهارات عالية، ما يستدعي انخراط المؤسسات الجامعية والعلمية في مواكبة هذا المسار.
وبخصوص المعالجة الحسابية، كشفت الوزيرة أن الانتقال إلى مرحلة الإنتاج الرقمي يستلزم بنية تحتية قوية، إذ إن تلبية الحاجة الوطنية في هذا المجال قد تتطلب استثمارات تتراوح بين 5 و9 مليارات درهم، داعية إلى تعبئة المستثمرين وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار في الحواسيب العملاقة والطاقة الرقمية.
وفي هذا السياق، أبرزت السغروشني أن 90% من المعطيات الرقمية العالمية تم إنتاجها خلال العامين الأخيرين فقط، ما يُحتّم على الإدارات المغربية تطوير آليات المعالجة والتخزين والحماية، وإعادة تأهيل بنياتها المعلوماتية لمواكبة هذه الطفرة.
أما على مستوى البنية التحتية الرقمية، فشددت الوزيرة على أنها ركيزة أساسية للتحول نحو نماذج المدن الذكية، مشيرة إلى أن رقمنة منظومة النقل، على سبيل المثال، تتطلب ربط الحافلات وإشارات المرور بشبكات الإنترنت، وتحديث تقنيات التتبع والمعالجة.
وأعلنت الوزيرة في السياق ذاته أن الحكومة دعّمت، في يناير الماضي، تمويل 150 أطروحة دكتوراه في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، في خطوة تهدف إلى تأهيل باحثين ومبتكرين قادرين على إنتاج معرفة تكنولوجية محلية.
كما استعرضت الوزيرة الخطوط العريضة لبرنامج المناظرة، مشيرة إلى أن اليوم الأول سيخصص للورشات التقنية والعروض التطبيقية في مجالات الصحة، والتعليم، والفلاحة، والصناعة، والثقافة، فيما سيُخصص اليوم الثاني للبعد السياسي والمؤسساتي، عبر مناقشات تتناول التمويل، الشراكات، وموقع المغرب في المنظومة الرقمية الإقليمية والدولية، على أن تُتوَّج الأشغال بتوصيات عملية وتوقيع اتفاقيات مع شركاء وطنيين ودوليين.
وأكدت السغروشني أن هذا الورش الوطني ينطلق من إيمان راسخ بأن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا تقنيًا أو شأنًا نخبويًا، بل أصبح ضرورة مجتمعية تقتضي إشراك جميع الفاعلين: من المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، والجامعات، إلى المجتمع المدني والكفاءات المغربية المقيمة بالخارج.
وخلصت المسؤولة الحكومية إلى أن هذه الدينامية تسير في اتجاه جعل المغرب مركزًا إقليميًا لإنتاج المعرفة الرقمية، وربط الذكاء الاصطناعي بمسارات التنمية والعدالة الاجتماعية، مع التشديد على أن استيراد الحلول الجاهزة لا يفي دائمًا بالغرض، وأنه لابد من بناء نموذج مغربي أصيل يراعي الخصوصيات الوطنية ويعزز الاستقلالية الرقمية للمملكة.