المناظرة الأولى للإشهار.. غياب الشخصيات الوازنة يحول الحدث إلى مشهد بلا روح

انطلقت اليوم بالعاصمة الاقتصادية أشغال المؤتمر الوطني الأول للإشهار في أجواء باهتة وحضور محدود، وسط غياب واضح للشخصيات البارزة التي كان يُفترض أن تمنح الحدث زخمه وصدقيته. تحول المؤتمر منذ لحظاته الأولى إلى لقاء بروتوكولي روتيني، طغت عليه المقاعد الفارغة وغياب الأسماء المؤثرة، من بينها فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، وفصل العرايشي، الرئيس المدير العام لقطب الإعلام العمومي، إلى جانب غياب ممثلين عن القطاعات الحكومية المرتبطة بالإعلام والاستثمار والرقمنة.

رغم تنظيم الحدث تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، لم يُقرأ أي نص ملكي خلال الافتتاح، وهو أمر نادر أثار تساؤلات حول خلفياته ودلالاته في المشهد الإعلامي.

وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر جاء في ظرفية دقيقة، تعرف فيها البلاد دينامية إصلاحية واسعة تشمل قطاعات اقتصادية واجتماعية متعددة. كان من المتوقع أن تنعكس هذه الدينامية على منطق المناظرة، فتتحول إلى منصة تشاركية حقيقية تعكس التنوع والابتكار في القطاع. غير أن الواقع كشف عن اتجاه معاكس، إذ طُبعت المناظرة بإقصاء واضح للمقاولات الاعلامية الصغرى والمتوسطة، بينما وفّر حضور وازن لكبريات المنابر التي تهيمن على السوق، مما رسّخ الانطباع بأن هذا القطاع الحيوي، الذي يشكل المورد الأساسي للصحافة الوطنية، ما زال حكرًا على عدد محدود من الفاعلين، رغم محدودية تأثيرهم في المشهد العام.

بين الصورة البارزة والعنوان

هذا الإقصاء دفع عددًا من المقاولات الصحافية الصغرى إلى مقاطعة المؤتمر، معتبرة أن التنظيم يعكس “إقصاءً ممنهجًا وتهميشًا متعمدًا” لفئات أساسية من النسيج الإعلامي الوطني. ونتيجة لذلك، فقدت المناظرة مصداقيتها وأخفقت في أن تكون منصة لإعادة التفكير في أسس القطاع ومستقبله.

أما المشهد العام، فقد هيمنت عليه المؤسسات الإعلامية الكبرى المستفيدة من الإعلانات العمومية، بينما بدا حضور الصحف المحلية والمواقع المستقلة هامشيًا، مجرد واجهة لتصوير تنوع غير حقيقي. وبدل أن تتحول المناظرة إلى نقاش جاد حول العدالة في توزيع الإعلانات، ودعم الإعلام المستقل، والرهانات الاقتصادية للصحافة الوطنية، انحصر الحدث في صورة شكلية تفتقد للعمق والمبادرة.

هكذا اختتم اليوم الأول من المؤتمر وسط انطباع عام بخيبة الأمل، واعتقاد متزايد بأن “الحدث الكبير” لم ينجح في تجاوز منطق البهرجة والظهور إلى جوهر النقاش والإصلاح المطلوب للقطاع.

اترك رد