المنتخب الجماعي وخدمات القرب: بين المسؤولية والإنتظارات
بقلم: عمر المصادي
يشكل المنتخب الجماعي أحد أهم الفاعلين في تدبير الشأن المحلي، باعتباره الممثل المباشر لساكنة الجماعة الترابية، والمكلف بتنفيذ السياسات والبرامج التنموية التي تستجيب لحاجيات المواطنين اليومية، ومن أبرز المهام المنوطة به، نجد ما يعرف بـخدمات القرب، وهي الخدمات الأساسية التي تمس الحياة اليومية للأفراد، وتحدد إلى حد كبير جودة العيش داخل المجال المحلي.
تشمل خدمات القرب مجالات متعددة، من أبرزها:
– توفير الماء الصالح للشرب والكهرباء والإنارة العمومية؛
– جمع النفايات المنزلية وتدبير النظافة؛
– صيانة الطرق والممرات والمساحات الخضراء؛
– تنظيم الأسواق والمرافق العمومية؛
– توفير النقل الحضري داخل الجماعة؛
– دعم البنيات الثقافية والرياضية والإجتماعية؛
– المساهمة في النهوض بالتعليم الأولي والصحة القروية.
ورغم الجهود التي تبذل في هذا الإطار، فإن المواطن لا يزال يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى نجاعة أداء المنتخب الجماعي، ومدى التزامه بوعوده الإنتخابية، فكثيرا ما تسجل شكاوى تتعلق بضعف في جودة الخدمات، أو غياب تام لبعضها في مناطق مهمشة، مما يبرز الحاجة إلى مراجعة أدوار الفاعلين المحليين وتعزيز آليات الحكامة الجيدة.
كما أن من أهم العوامل التي تساهم في نجاح المنتخب الجماعي في أداء مهامه هو التواصل الفعال والمستمر مع الساكنة، فغياب قنوات الحوار المباشر يؤدي إلى ضعف الثقة بين المواطن وممثليه، ويحول دون معرفة حاجيات السكان الحقيقية ومطالبهم الملحة.
وعليه، يجب أن يعتمد المنتخب الجماعي على آليات متنوعة للتواصل، مثل:
– اللقاءات التشاورية المفتوحة؛
– تفعيل بوابات رقمية وجماعية لتلقي الشكايات والمقترحات؛
-إصدار نشرات دورية تبرز منجزات المجلس ومشاريعه؛
– الإنخراط في الوسائط الإجتماعية للإقتراب من فئة الشباب.
فالتواصل ليس مجرد وسيلة إخبار، بل هو أداة للتفاعل والتشارك في اتخاذ القرار، ويعكس مدى احترام المنتخب لذكاء المواطنين وثقتهم.
إن المواطن اليوم لم يعد فقط متلقيا سلبيا للخدمات، بل أصبح فاعلا أساسيا في مراقبة جودة الأداء، واقتراح البدائل، والمساهمة في بناء جماعة قوية، شفافة، ومندمجة.
إن نجاح المنتخب الجماعي في أداء مهامه لا يتوقف فقط على النوايا أو الإنتماءات السياسية، بل يتطلب توفر الكفاءة، النزاهة، والقدرة على التخطيط والتواصل الجيد، كما أن تفعيل المقاربة التشاركية مع مكونات المجتمع المدني، والشباب، والساكنة، يظل أمرا ضروريا لتحقيق تنمية محلية حقيقية وشاملة.
وفي الأخير يجب التأكيد على أن المنتخب الجماعي الناجح هو الذي يظل قريبا من المواطنين، ليس فقط خلال فترات الإنتخابات، بل من خلال حضوره الدائم، وتواصله المستمر، وتفاعله الإيجابي مع قضايا الساكنة، أما المواطن، فله دور أساسي في مساءلة ممثليه، والمشاركة في صنع القرار المحلي، من أجل جماعة ترابية فاعلة، عادلة، ومنصفة.