النظام العسكري الجزائري.. وقرية العكازات، حين يصبح السليم خطرا على النظام

بقلم: عمر المصادي

في قرية نائية محكومة بالنظام العسكري، كان كل السكان يسيرون على عكازات خشبية.
لم يكن الأمر عيبا أو عارضا جسديا، بل كان قانونا اجتماعيا مقدسا.
من يولد هناك يعلم منذ صغره أن الإعتماد على العكاز هو رمز الطاعة، ودليل الإحترام، وطريق النجاة من “الفوضى”.
لكن في صباح هادئ، دخل القرية رجل غريب. يمشي على قدميه دون عكاز، رأسه مرفوع، ونظراته ثابتة.
في البداية، ظنوه مجنونا، ثم بدأ الخوف يدب في قلوب جنرالات النظام العسكري.
“هذا الرجل يسير دون دعم من الدولة .. أقصد من غير العكاز!”
“إن تركناه، قد يقلده الصغار… وتنهار منظومتنا!”

اجتمع جنرالات النظام، في”مجلسٍ عسكري”، و الذي يقرر كل شيء في حياة الناس، واعتبروا أن “المشي الحر” خطر على الأمن العام.
فصدر البيان سريعا:
“يمنع السير على القدمين دون عكاز حفاظا على النظام والوحدة الوطنية.”

بين الصورة البارزة والعنوان

وحين حاول الرجل أن يشرح أن المشي الطبيعي لا يعني العصيان، وأن القوة الحقيقية لا تأتي من العكاز بل من الإرادة، أُسكت بالقوة.
اتهموه بالتحريض، ونشر أفكار غريبة عن “الإستقلال الشخصي”، وهي تهمة كافية لنفيه إلى خارج القرية.

ويرى العديد من المراقبين أن “قرية العكازات” يمكن اعتبارها رمز واضح للنظام العسكري الجزائري، حيث تقدس الطاعة ويحرم التفكير المختلف.
في هذا النظام، من يحاول أن يسير دون “عكاز السلطة” يتهم بالخيانة، ومن يرفع رأسه يقال إنه يتطاول على “العسكر ”، ومن يفكر بصوته الخاص يصنف خطرا على “الأمن القومي”.
الإستقرار هناك يعني الصمت، والولاء يعني الإنحناء.
أما الحرية، فليست إلا كلمة تذكر في الخطب الوطنية ولا تمارس على أرض الواقع.

غادر الرجل القرية ليلا، بعد أن أدرك أن الإستقامة جريمة في أرض لا تعرف إلا الإلتواء.
سار بخطوات ثابتة نحو الأفق، تاركا وراءه رسالة واحدة على جدار كوخه الصغير:
“في القرى التي تحكمها العكازات، لا يسقط الناس لأنهم ضعفاء .. بل لأنهم لا يسمح لهم بالوقوف.”

اترك رد