جريمة بيئية تحت ستار التنمية: مشروع طريق باشتوكة آيت باها
بقلم: أسامة لمين (.)
تحسين جودة الحياة وتوفير البنية التحتية لا ينبغي أن يكونا على حساب البيئة. قطع الأشجار وإزالة المناطق الخضراء وتدمير المَواطن الطبيعية التي تؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي دون مراعاة كافية للتأثيرات البيئية يشكل تهديداً كبيراً يمكن أن ينتج عنه عواقب بيئية طويلة الأمد، هذا الوضع يتطلب تطبيق استراتيجيات مستدامة تُوازن بين التنمية وحماية البيئة.
ما يحدث في هذا المشروع الطرقي المار عبر دواري “اكني نتسافت” و”أسكا” التابعين لقبيلة ايت احيا قيادة تنالت إقليم اشتوكة ايت باها، المتفرعة عن الطريق الرئيسية 1011، هو جريمة في حق البيئة، حيث تُزال وتُقطع الأشجار التي عمرت لعقود في دقائق وأيام معدودة، هذه الممارسات العشوائية تؤكد الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات صارمة لضمان تقييم الأثر البيئي لأي مشروع قبل تنفيذه.
تشمل الاستراتيجيات المستدامة الواجب تطبيقها تقييم الأثر البيئي بدقة، والتخطيط المستدام الذي يحترم الطبيعة، بالإضافة إلى استخدام التقنيات والحلول التي تقلل من التأثير البيئي. كذلك ينبغي تنفيذ مشاريع لإعادة التشجير لتعويض الخسائر، وضمان مشاركة المجتمع في اتخاذ القرارات المتعلقة بتلك المشاريع.
بذلك، يمكن تحقيق التوازن المطلوب بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، بما يضمن استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
وحسب الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة فإن المادة 3 منه تقول بأنه لكل مواطن أو مواطنة الحق في:
العيش والنمو في بيئة سليمة وذات جودة، تمكن من المحافظة على الصحة والتفتح الثقافي والاستعمال المستدام للتراث والموارد التي يوفرها.
المشاركة في مسلسل اتخاذ القرارات التي من شأنها التأثير على البيئة.
إن هذا الميثاق يشير الى المشاركة في مسلسل اتخاذ القرارات التي من شأنها التأثير على البيئة، ما يعني أن هذا النوع من المشاريع يتطلب قرارات مدروسة تراعي الآثار البيئية، بحيث يكون هناك توازن بين التنمية والبنية التحتية وبين الحفاظ على البيئة.
كما ان الساكنة والمؤسسات البيئية، يجب أن تكونا جزءًا من عملية صنع القرار، وأن تكون المشاركة المجتمعية والشفافية في هذه القرارات ضرورية لتجنب مثل هذه الآثار السلبية.
اما من الناحية القانونية فهذا المشروع مخالف للقانون حيث لم تتم استشارة الساكنة المعنية ولا إشراكها في تنزيل هذا المشروع كما ينص الدستور، بل تم الترامي على اراضيها دون اتباع مسطرة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة وتعويض المتضررين.
إن هذا المشروع يكتنفه الغموض وتحوم الشكوك حوله، فالمشروع قد تم توقيع محضر بدايته يوم 11 يوليوز 2024 بين حاملي المشروع الذي هو المديرية الإقليمية للفلاحة في شخص ممثلها، والمجلس الجماعي لتنالت في شخص رئيسه، والممثل القانوني للمقاولة، والغريب انه لا وجود لأي لافتة تدل على بداية هذا المشروع في مدخل الطريق لتبين للعامة نوعية هذا المشروع والمدة الزمنية وكذا تكلفته المادية وصاحبه والمقاول المكلف به، وهو ما يبين غياب الشفافية والوضوح.
أما البدائل التي اقترحها الان هي:
اولا: الاكتفاء بتعبيد الطريق عوض توسيعه على حساب المساحات الخضراء والأشجار.
ثانيا: إلتزام حامل المشروع بإعادة زرع الاشجار التي تم اقتلاعها في اطار هذا المشروع.
ثالثا: تعويض الساكنة المتضررة من هذا المشروع سواء من ناحية استغلال اراضيهم بدون اشراكهم في العملية ودون موافقتهم، وكذا قطع اشجارهم المثمرة.
هذه الأشجار ليست مجرد نباتات، بل هي جزء من النظام البيئي الذي يسهم في تنقية الهواء، تثبيت التربة، وتوفير موائل للحياة البرية، حيث نعتبر ان التعدي على البيئة في مثل هذه الحالات يتجلى في تقويض الجهود الرامية إلى تحقيق تنمية مستدامة تحافظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
اما عدم إشراك المجتمع والخبراء البيئيين في عملية اتخاذ القرار يؤدي غالبًا إلى نتائج قد تكون مدمرة على المدى البعيد، مثل فقدان التنوع البيولوجي وزيادة تدهور الأراضي، وانجراف التربة، وتطاير الاتربة، مما يبرز الحاجة إلى تبني سياسات أكثر استدامة تراعي الآثار البيئية لأي مشروع قبل الشروع فيه.
(.) ناشط حقوقي