منذ أيام، أقامت أبواق البوليساريو والنظام الجزائري الدنيا ولم تقعدها وأطلقت العنان لبيانات وتصريحات وتدوينات لذبابها الإلكتروني عبر صفحات التواصل الاجتماعي تتبجح بنصر محقق لا وجود له إلا في مخيلتها بخصوص مجرد تصريح لا يمثل إلا صاحبه “جوزيف بوريل” الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية الذي صرح قائلا ب” ضرورة استشارة الشعب الصحراوي”.
التصريح الجملة الذي ما فتئ أن تراجع عنه سويعات بعد ذلك بمجرد أن عبر رئيس الدبلوماسية المغربية “ناصر بوريطة” عن غضبه وامتعاضه من “جوزيف بوريل” ليصرح هذا الأخير بعد ذلك لوكالة الأنباء الإسبانية ” إيفي” بقوله ” موقف اسبانيا الداعم لمخطط الحكم الذاتي المغربي يتفق مع موقف الاتحاد الأوربي ولا يتعارض معه وهو أكثر انسجاما “.
تصريح يأتي بمثابة صفعة أخرى توجه للنظام الجزائري وللتنظيم الإرهابي للبوليساريو وليقلب الفرحة بالتصريح الأول إلى مأثم أخرس الأبواق الدعائية للانفصاليين.
ليس هذا فحسب، بل خرجت المتحدثة باسم الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية “نبيلة مصرالي” لتصحح زلة لسان رئيسها “جوزيف بوريل” حول الصحراء المغربية التي تسببت في غضب المغرب الذي عبر عنه وزير الخارجية المغربي “ناصر بوريطة”.. نبيلة أدلت بالتصريح “التصحيح” لوكالة المغرب العربي للأنباء جاء فيه بأن الاتحاد الأوروبي يدعم حلا سياسيا عادلا وواقعيا ودائما يقبله الطرفان لمسألة الصحراء وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، وأن موقف الاتحاد الأوروبي واضح ويستند على دعم قوي لجهود الأمين العام للوصول لحل سياسي عادل وواقعي ودائم ومقبول من الطرفين لقضية الصحراء، على أساس حل وسط ووفقًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مضيفة أن موقف الاتحاد الأوروبي قد تم تفصيله في الإعلان السياسي المشترك بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في يونيو 2019 والذي لاحظ بشكل إيجابي الجهود الجادة والمصداقية المبذولة من قبل المغرب على النحو المبين في القرار 2602. وأن الاتحاد الأوروبي ملتزم بدعم عمل الممثل الشخصي للأمين العام “ستيافان دي ميستورا” ويشجع جميع الأطراف على التواصل معه لاستئناف العملية السياسية، مع الإشارة إلى “أهمية الحفاظ على استقرار المنطقة من خلال مزيد من الحوار والنهج البناء”.
ولأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس يا جوزيف يا بوريل يا وزير الخارجية الاسباني السابق، أحيلك على ما قاله رئيس الدبلوماسية المغربية “ناصر بوريطة” خلال الندوة الصحافية التي جمعته بضيفة المغرب وزيرة الخارجية الألمانية “في قضية الصحراء المغربية المغرب لا يقول بأنه يجب إيجاد حل خارج الأمم المتحدة. المغرب يقول دائما بأن الحل لقضية الصحراء يجب أن يكون تحت مظلة الأمم المتحدة وفي إطار قرارات مجلس الأمن والدينامية الدولية. الجزائر هي التي لا تقبل قرارات مجلس الأمن. والمغرب يعتبر بأن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها منسجمة مع قرار مجلس الأمن، مع الشرعية الدولية ومع الدينامية الدولية. عندما تقوم مجموعة من الدول بأوربا وخارج أوربا بدعم واعتبار مبادرة الحكم الذاتي أساس للحل فإنها لا تتناقض لا مع جهود الأمم المتحدة ولا مع قرارات مجلس الأمن بل إنها تكرس ذلك وتدفع نحو هذا الحل..وبالتالي فالمغرب اليوم يثمن الموقف الألماني لأنه موقف متوازن ومنسجم مع دور الأمم المتحدة ومع قرارات مجلس الأمن”.
ولأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس يا جوزيف يا بوريل أيها الدبلوماسي الاسباني المخضرم، أحيلك على ما قام به المغرب في ماي 2021 حين استدعى سفيرته لدى ألمانيا احتجاجا على موقف هذه الأخيرة من ملف الصحراء المغربية ومواقف أخرى معاكسة لمصالح المغرب وكذا تزايد الأعمال العدائية من قبل ألمانيا اتجاه المغرب في عهد المستشارة السابقة ” ميركل” مما أدى إلى قطيعة بين البلدين دامت ما يقارب السنة قبل أن تستأنف هذه العلاقات في عهد الحكومة الألمانية الجديدة والتي عبرت عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي وأعلنت عن رغبتها في طي صفحة الماضي والجلوس مع المغرب من أجل تجاوز الأزمة لأن مصلحة البلدين ألمانيا والمغرب هي في عودة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية وهي العودة التي توجت بالزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الألمانية للمغرب ولقائها برئيس الدبلوماسية المغربية ” ناصر بوريطة”..
ولأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس ، أحيلك يا جوزيف يا بوريل أيها السياسي الذكي على ما رد به المغرب على استقبال اسبانيا للمسمى ” إبراهيم ” غالي زعيم إرهابيي البولساريو والذي دخل اسبانيا للعلاج بتواطئ بين هذه الأخيرة والجزائر وبهوية ووثائق مزورة تحت اسم ” بن بطوش ” الجزائري الجنسية ..وهو ما تسبب في أزمة حتى داخل التحالف الحكومي الاسباني وبين الحكومة والمعارضة التي اعتبرت أن الحكومة ارتكبت خطأ سياسيا واستراتيجيا كبيرا ..لتستمر الأزمة بين المغرب واسبانيا ولترتفع أصوات داخل اسبانيا تطالب الحكومة بتغيير موقفها من الصحراء المغربية وهو ما حصل حين دعمت اسبانيا مبادرة الحكم الذاتي المغربية واعتبرتها مقترحا واقعيا وذي مصداقية و يتماشي مع جهود الأمم المتحدة ومع قرارات مجلس الأمن وليتوج التقارب المغربي الاسباني من خلال الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الاسبانية ” بيدرو سانشيز” حيث استقبل من طرف جلالة الملك محمد السادس ليتم استئناف العلاقات وفتح آفاق مستقبلية واعدة بين الطرفين وفق الاحترام المتبادل مما يخدم مصالح البلدين والشعبين الجارين المغربي والاسباني..وكان للعديد من أوراق الضغط المغربية على اسبانيا نظير القضية التي رفعها المغرب ضد إبراهيم غالي بالمحاكم الاسبانية مما وضع الحكومة الاسبانية في حرج وعجل بطردها له من أراضيها وكذا تعليق المغرب لحركة نقل المسافرين بين اسبانيا والمغرب في إطار عملية “مرحبا” وكذا إغلاق معبري سبتة ومليلية مما تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة خاصة للجنوب الاسباني ناهيك عن التهديد الطي تشكله الهجرة السرية لاسبانيا والاتحاد الأوريي والتي يلعب فيها المغرب دورا هامل محوريا لا محيد عنه بالنسبة للأوربيين..
ولأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، ها أنت يا ” جوزيف يا بوريل” تتراجع عن تصريحك الزلة بعد سويعات قليلة من إطلاقه ، ها أنت تراجع تصريحك بعد غضبة وزير الخارجية المغربي ” ناصر بوريطة” الدبلوماسي المحنك والهادئ وتعود لرشدك الدبلوماسي الضروري لتصرح بأن موقف اسبانيا الداعم لمخطط الحكم الذاتي المغربي يتفق مع موقف الاتحاد الأوربي ولا يتعارض معه وهو أكثر انسجاما..
ولأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، أدعوك يا سيد بوريل إلى ترقب ما ستسفر عنه الأزمة الصامتة المغربية الفرنسية الأخيرة والتي من بين خيوطها الظاهرة رفض السلطات الفرنسية منح التأشيرة لمواطنين مغاربة للدخول إلى فرنسا ومنهم أطباء وطلبة وشخصيات سياسية وغيرهم ناهيك عن عدم مصداقية العديد من تقارير منظمات ووسائل إعلام فرنسية حول المملكة المغربية وكذا موقف فرنسا الرمادي من قضية الصحراء المغربية ..
أدعوك إلى ترقب النتائج التي ستسفر عنها هذه الأزمة الصامتة ولصالح من ستكون الغلبة: هل سيفوز المكر السياسي الفرنسي أم سينتصر الذكاء الدبلوماسي المغربي؟
فراجع أوراقك ، يا جوزيف يا بوريل. واعلم أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس..