رحلة التحاليل الطبية المغربية إلى الخارج.. تكاليف باهضة وبالعملة الصعبة
بقلم: عبدالواحد زيات
تثير تجربتي الأخيرة من خلال تشخيص طبي ، طلب مني فيه طبيب إجراء بعض التحاليل عددها أربعة ، ذهبت إلى أحد المختبرات المعروفة بمدينة الرباط ، وعندما قدمت الوصفة الخاصة بالتحاليل إلى السيدة المكلفة بالاجراءات الإدارية و بالأداء أخبرتني أن نوعين من هذه التحاليل لا يتم معالجتها بالمغرب وإنما سترسل فيه عينات الدم إلى أحد المختبرات في فرنسا .
وفي حديث قصير بيننا سألتها لماذا سترسل إلى فرنسا ألا توجد مختبرات في المغرب مختصة أكدت لي أن مختبرات التحاليل في مغرب غير مختصة في هذا النوع من التحاليل ، اقتنعت فعلا أن هناك أزمة مطروحة في المغرب في هذا الشق المرتبط بحجم الفراغ في معالجة أنواع خاصة من التحاليل على عينات الدم .
لم أستسغ هذا الامر وطرحت على نفسي سؤالا أن عينات دمي تم إرسالها إلى فرنسا أتمنى أن تخرج نتائجها بسلام ، لكن في داخلي طرحت أكثر من سؤال وقلت في قرارت نفسي هل صناع القرار في الحكومة و البرلمان ووزارة الصحة و غيرهم يستحضرون هذا الفراغ المسجل في المجال البيولوجي أن عينات دم كثيرة و تشريحات دقيقة يتم إرسالها إلى مختبرات خارج الوطن .
وهنا يطرح إشكال عن واقع التحاليل الطبية في البلاد كم هي انواع التحاليل و التشريحات الدقيقة التي لا يتم معالجتها في المغرب من أجل استبيان نتائجها ، وحجم التكلفة على الميزانية الوطنية وصحة المواطنين. هذا الواقع يطرح العديد من الأسئلة الملحة:
كم هي تكلفة هذه التحاليل من العملة الصعبة ، سواء على المرضى مباشرة، أو على صناديق الضمان الاجتماعي، أو حتى على الميزانية العامة للدولة؟ وهل هذا الاعتماد على المختبرات الأجنبية مستدام في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة؟
وما تشكله أيضا هذه التحاليل التي يتم معالجتها في مختبرات و مستشفيات في الخارج من عبء إضافي على المرضى خاصة أن الكثير منها قد يكون خارج منظومة التحاليل المشمولة بالتعويض و قد تكون باهضة الثمن من حيث إجراءها و لكن في المقابل هزالة في التعويض ، بالإضافة إلى التكلفة المالية، يواجه المرضى تأخيرا في الحصول على النتائج، مما قد يؤثر على سرعة التشخيص وبدء العلاج، وبالتالي على مسار الشفاء. حيث من خلال تجربتي تم إخباري ان الحصول على نتائج تلك التحليلات بعد 10 أيام .
وفي هذا الصدد ينبغي الوقوف عند قدرات المختبرات المغربية لماذا غير قادرة على معالجة الكثير من هذه التحاليل و يتم إرسالها إلى الخارج هل تعاني المختبرات المغربية من نقص في التجهيزات الحديثة أو في الخبرات اللازمة لإجراء هذه التحاليل المعقدة؟
فإذا كانت هذه التحاليل تتطلب تقنيات متقدمة، فلماذا لا يتم الاستثمار بشكل كافٍ في البحث العلمي لتطوير هذه القدرات بالمغرب؟
من المفارقات أن العديد من المختبرات الأجنبية تعتمد على كفاءات مغربية عالية، مما يطرح سؤالا حول قدرتنا على استقطاب هذه الكفاءات والاحتفاظ بها وتوفير البيئة الملائمة لها داخل الوطن.
هذه ليست مجرد مشكلة فردية أتقاسمها معكم ومع اصحاب القرار في الشأن الصحي وفي الحكومة و البرلمان و الرأي العام ، بل هي قضية وطنية تلامس صميم السيادة الصحية والاقتصادية للمغرب. وهل هناك اتفاق و ميثاق بين اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية بالمغرب مع نظيرتها في الدول من أجل حماية المعطيات ذات الطابع الصحي للمرضى إنها تستدعي نقاشا حول الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالتحاليل الطبية: هل توجد خطة واضحة لتطوير المختبرات المغربية وتقليل الاعتماد على الخارج؟