فهو يراهم بقلبه، وهم بأعينهم يرونه

بقلم: عبدالرحيم بن محمد الحداد

حقًا يكون الصمت أحيانا رحمة للآخرين، ويكون الكلام معهم أو إخبارهم بما يجول في خاطرك تجاههم عذابا لهم ولك، ولحظة حرج وارتباك أو لحظة حيرة وذهول بين الإعجاب بالفكرة من جهة التقارب الوجداني والروحي، ولحظة العذاب بسبب الابتعاد الحضوري والجسدي. مما يكرس فكرة الاحتكام إلى الواقع الحياتي والمعيش اليومي للفرد. هذا الواقع هو الذي يفرض نفسه علينا دائما، سواء أردنا أم أبينا. فبعد المسافة أحيانًا يجعلنا عاجزين عن النظر بوضوح إلى الأشياء، والضباب الكثيف يجعلنا عاجزين عن رؤية من حولنا من الأشخاص والأشياء رؤية واضحة وسليمة.
حقًا يمكن للإنسان أن يعيش في هذه الحياة مجبرًا على عدم الرؤية من الأصل، حيث لا يستطيع أن يفرق بين النور والظلام، ولا بين الأشياء فيما بينها، ولا يستطيع أن يحدد الشكل الخارجي للأشخاص، ولا الألوان حتى، حيث لا يستطيع أن يرى إلا بمقدار ما يلمس بيده، ويسمع بأذنيه، ويشم بأنفه، ويتذوق بلسانه، كل ما في الأمر أنه يعيش حياة تختلف عن رتابة حياتنا، ويتواصل مع العالم أجمع بطريقة لا تشبه طريقتنا ويعيش معنا في عالمنا، وعالمه لايشبه عالمنا، ومع ذلك فهو ينعم بحياته لأنه مدرك أنه قوي بإرادته ومقتنع بطبيعته التي صوره الله تعالى عليها، ويعيش باختلافه الخارجي، وقد يتعايش مع أشخاص لا يشبهونه، فهو يراهم بقلبه، وهم بأعينهم يرونه.

اترك رد