ما موقف القيادة الفلسطينية من تصريحات جبريل الرجوب؟

بقلم: لحسن الجيت

إنها ليست للمرة الأولى التي يخرج فيها المدعو جبريل الرجوب بتصريحات مناوئة للوحدة الترابية للمملكة المغربية، مملكة الإباء والشموخ وهي عصية في ذات الوقت على اللقطاء. هذا الكائن يتقيأ خرجات من هذا النوع وهو وزير في حكومة السلطة الفلسطينية كما هو عضو اللجنة المركزية وأمين سر حركة فتح وهو الأمين العام للجنة الفلسطينية الأولمبية. الأمر يشير إلى أننا نواجه موقفا لمسؤول فلسطيني له ما له من وزن بداخل تلك السلطة، وأننا لسنا أمام حالة عرضية أو زلة لسان إنما هو موقف ثابت وواضح في ظل الصمت الذي التزمته وتلتزمه السلطة الفلسطينية.

المدعو جبريل الرجوب، وخلال زيارة له في العام المنصرم للجزائر، أعلن بدون وجل ولا تردد أنه يؤيد مسطرة إجراء استفتاء للحسم بشكل نهائي في ما عبر عنه بالصحراء الغربية مما يفيد أنه هو وغيره من القيادات الفلسطينية يتنكرون للحقوق المشروعة والتاريخية للمغرب وللواقع الذي تعترف به العديد من الدول الوازنة. جبريل الرجوب وغيره من بعض القيادات الفلسطينية التي تعودت على الاسترزاق في قضيتها الأم كيف لك أن تنتظر منها أن تحمل هما في قضية لها أهلها. فمن الطبيعي من شخص كجبريل الذي يعبد المال والنساء والأقداح و “السيكار” الكوبي خير له أن يبيع أمه وذويه بما في ذلك الخليل حيث مسقط رأسه مقابل أن يصل إلى نزواته الأربع.

 ولذلك، استعل النظام الجزائري آنذاك زيارته للجزائر فأتاه من حيث لا يحتسب يالمال الوفير ليعلن عن تأييده للاستفتاء وعن تأييد من خلق أصلا  فكرة الاستفتاء. المهم بالنسبة له هو إشباع نزواته ولتذهب قضيتكم الوطنية والقضية الفلسطينية إلى الجحيم.  أمثاله هم الذين يشكلون الخطر الكبير على الشعب الفلسطيني لا تتملكهم الرحمة بأبناء شعبهم، فمنهم من يزج بهذا الشعب في أتون حرب مدمرة لا تبقي ولا تدر، ومنهم من يبيع ويشتري فيه. والقاسم المشترك بينهما هو تحقيق مآربهم. الأول يصل إليها عن طريق الدم والثاني عن طريق السياسة. وفي كلتا الحالتين ضاعت القضية.

اليوم كما هو بالأمس، خرج علينا مرة أخرى هذا المسؤول الفلسطيني بتصريح نفى فيه أن يكون قد عبر عن موقف مساند للوحدة الترابية للمملكة خلال لقاء له مع السفير المغربي في رام الله.والسؤال المطروح في هذا الشأن ما هذا الذي حمله على الخروج بمثل هذا التصريح وفي هذا التوقيت بالضبط الذي لا يسمح لأي مسؤول فلسطيني، إن كان قلبه حقيقة على قضيته، أن يشير لا من بعيد ولا من قريب إلى كل ما من شأنه أن يستفز أي طرف عربي.

الغريب في الأمر أن السلطة الوطنية الفلسطينية أبانت أمام هذا الموقف المستفز للمغرب عن صمت مريب في الوقت الذي كان عليها أن توضح موقفها من تصريحات عضو في الحكومة الفلسطينية. وهي كذلك ليست للمرة الأولى أن تختبأ السلطة الفلسطينية من وراء أصبعها. الأمر ذاته قد حصل حينما استقبل السفير الفلسطيني لدى الجزائر جماعة من المرتزقة حاملا معهم ما يسمى بعلم الانفصاليين. فاكتفت رام الله آنذاك بترقيع الموقف ببيان محتشم مفاده أن القيادة الفلسطينية تتجنب الدخول في الخلافات الداخلية بين الدول العربية وكأن ما قام به سفيرها أو ما يقوم به حاليا وزيرها ومتعدد الاختصاصات والمهام جبريل الرجوب بأنه لا يمس الوحدة الترابية للمملكة.

الحديث عن هذا النفاق واللعب على الكلمات قد تكون له ارتدادات من مصدرها على أهل القضية.  ونحن حينما نستعرض مواقفهم المناوئة فإننا لا نستجديهم بتغييرها وإنما ننبههم بأنهم هم أولى من يتأذى بها ولهم تاريخ طويل في ذلك. لا ننتظر منهم موقفا لأنه لا يغير من موازين اللعبة والقوة في شيء لأن تلك الموازين أكبر منهم. فرسالتنا هذه ليست موجهة إليهم بالأساس ولكن من خلالهم نريد إيصال رسائل للذين يعتبرون من أبناء جلدتنا بأن القضية الفلسطينية هي القضية الوطنية الأولى. أبدا ليست كذلك، ولا أحد في العالمين العربي والإسلامي ينحو هذا المنحى الذي ينحو إليه بعض الغوغائيين عندنا.فالمعادلة على بساطتها يجب أن نهتدي بها من يناصر قضيتنا فنحن معه قلبا وقالبا ومن يعادينا يجب علينا أن نعاديه. فلست مسيحيا كي أصفع على خدي الأيمن لأسلم خدي الأيسر.

لقد أعجبني أمين عام حزب التقدم والاشتراكية السيد نبيل بنعبدالله حينما استفاق من سباته العميق وطالب القيادة الفلسطينية بموقف واضح من قضيتنا الوطنية. وهي صحوة نثمنها ولو أنها جاءت متأخرة جدا ونتمنى أن تكون لها امتدادات وأن يتم تطويرها على ضوء التجاوب الفلسطيني إن كان هناك من الأصل تجاوب. وفي حالة امتناع القيادة الفلسطينية عن ذلك هل سيخرج كعادته السيد نبيل بنعبدالله في تظاهراته لنصرة القضية الفلسطينية التي لا يناصر أهلها قضيتنا الوطنية.

لا نشك هذه المرة في مدى صدقية ووطنية السيد أمين عام الحزب بل نحييه على أنه بعد أن عيل صبره، أن عزل نفسه عن بغية الغوغائيين بحيث نطالب هؤلاء أن يخرجوا هم كذلك من جحورهم وأن يواجهوا المدعو جبريل الرجوب وأمثاله بمطالبة القيادة الفلسطينية بتحديد موقفها من قضيتنا الوطنية، عوض المزايدة الرخيصة على المغرب في خياراته الاستراتيجية. فلولا هذا المغرب لما وصلت شاحناته برا وهي محملة بالمساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني.

إن الدعم الذي يقدمه المغرب قياسا بجميع الدول يستهدف بالأساس الشعب الفلسطيني على أن يكون المستفيد الأول والمباشر من تلك المساعدات هم أبناء هذا الشعب سواء على مستوى التعليم أو بناء الجامعات والمنح أو تثبيت المقدسيين في أماكن تواجدهم أو فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها في فترات الأزمات. على خلاف ذلك يحاول النظام الجزائري جاهدا استغلال القضية الفلسطينية لأهداف سياسية ودبلوماسية لمعاكسة المغرب، وهو في هذا الباب يفضل أن يتعامل مع القيادات الفلسطينية مباشرة بأسلوب شراء الدمم والارتشاء كما هو الحال اليوم مع المدعو جبريل الرجوب.

اترك رد