محمد عبدالسلام يؤكد من المغرب بأن التعايش بين الأديان يتنافى مع فكرة توحيدها وذوبانها في بعضها البعض

بالواضح - الرباط

يقوم المستشار” محمد عبد السلام”، الأمين العام للجنة الأخوة الإنسانية وهي هيئة دولية يرأسها كل من شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، وبابا الفاتيكان، رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرانسيس، ( يقوم) بزيارة عمل للمغرب تستمر بضعة أيام، يلتقي خلالها كلا من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور أحمد التوفيق، و عثمان الفردوس وزير الثقافة والشباب والرياضة، وعددا من الأدباء والمفكرين المغاربة.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة الأخوة الإنسانية قد أعلنت بداية الشهر الماضي أسماء الفائزين بجائزتها السنوية التي تحمل اسم “جائزة زايد للأخوة الإنسانية” على اسم الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس السابق لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد فاز بجائزة هذا العام مناصفة كلا من: أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة لجهوده في إرساء السلام في العالم، ولطيفة بن زياتين، فرنسية من أصل مغربي، والتي تعد من أكثر الشخصيات النشطة والمؤثرة في مجال مكافحة التشدد والتطرف ، حيث كرست حياتها لرفع الوعي تجاه التعصب الديني، وذلك في أعقاب مأساة فقدان ابنها عماد في هجوم إرهابي في عام 2012. ومنذ ذلك الحين أضحت لطيفة ناشطة حقوق مدنية معروفة في فرنسا وخارجها، حيث تعمل مع العائلات والمجتمعات لحماية الشباب من الوقوع في فخ التطرف، والعمل على نشر السلام وثقافة الحوار والاحترام المتبادل.
ويتزامن تاريخ حفل توزيع هذه الجائزة الدولية المستقلة مع “اليوم العالمي للأخوة الإنسانية” في نسخته الأولى والذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بإجماع كل الدول الأعضاء في ديسمبر من العام الماضي، ليوافق ذكرى تاريخ توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في يوم 4 فبراير من كل عام.
وقد وثق المستشار عبد السلام تجربة إنجاز “وثيقة الأخوة الإنسانية”، والمراحل الصعبة التي اجتازها شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان للوصول إلى هذه الوثيقة المؤسسة، في كتاب اختار له عنوان “الإمام والبابا والطريق الصعب:شهادة على ميلاد وثيقة الأخوة الإنسانية”، وتمت طباعته الشهر الماضي.
وعلى هامش زيارته للمغرب، يتطلع المستشار محمد عبد السلام،إلى لقاء نخبة من الإعلاميين المغاربة، للتعارف وتعميق الصلات معهم، والإجابة على أسئلتهم بخصوص وثيقة الأخوة الإنسانية، والكتاب الذي يوثق مراحلها المختلفة، وكذا نتائج جائزة الأخوة الإنسانية للعام الحالي.
كل هذا وغيره من الأفكار والمواضيع تحدث عنها المستشار “محمد عبد السلام ” في حوار خص به “بالواضح” على هامش هذه الزيارة.

وأوضح الأمين العام للجنة الأخوة الإنسانية في مستهل حديثه أن الهدف من زيارته للمغرب هو التعاون والعمل المشترك، مبرزا أن الدعوة للسلام دائما ما تأتي لمواجهة الحروب والكراهية، معتقدا أن كل محب للخير يمكنه أن يسهم في إطفاء الحرائق وفي التقريب بين الشعوب وفي إيجاد مناخ عالمي مناسب للتقليل من الصراعات والحروب والعنصرية والكراهية والطائفية، وهي أمور شغلت المجتمعات لقرون طويلة، مشددا على أنه آن الأوان ليضع الجميع اليد في اليد من أجل تجاوز هذه المحطات الصعبة من تاريخ البشرية ومن شأن هذا العنوان أن يجمع الكل تحت راية المحبة والتسامح والأخوة الإنسانية ويمكن الجميع من العمل من خلاله. المتحدث ذاته أبرز أنه حين يلتقي المسؤولين من رؤساء المنظمات والمؤسسات العالمية، يجد ما يبشر بالخير من خلال اهتمام الجميع بتعزيز فكرة التسامح وثقافة المحبة وقبول الآخر والحوار، معتبرا ذلك بشارة خير وأمل لخدمة البشرية. مؤكدا على أن هدفهم في الهيئة التي ينتمي إليها هو العمل من أجل الإنسانية من أجل أن يعيش الجميع في سلام، وبالتالي يضيف، أن الهدف السامي للأخوة والسلام لا يستثني ولا يقصي أحدا وهو دائما يطرح الأفكار والرؤى حول السلام القائم على العدل، السلام الذي يحفظ لكل صاحب حق حقه بحيث لا يمكن أن نتحدث عن سلام في ظل وجود مشردين ومستضعفين. مستطردا أن مفهوم السلام في حد ذاته هو دعوة للجميع لتقديم شيء بحيث لا يمكن أن تخاطبني أنت بالسلام وتعتدي علي طوال يوم مثلا ولا يمكن أن أطلب منك الأمن والسلام وأنا أعتدي عليك كل يوم لأن دعوة السلام هي دعوة تحتاج من الجميع أن يقدم شيئا ملموسا وليس تقديم شعارات وخطابات لأن الدعوة إلى الأخوة والسلام هي دعوة جديرة بأن تجعل كل من من بيده فرصة أن يقدم شيئا.
وفي رده عن سؤالنا حول أهداف التعايش بين الأديان وفي الوقت ذاته الحفاظ على خصوصيات شعائرها، أوضح محدثنا أنه لا يمكن الحديث عن التعايش والتسامح الحقيقيين في ظل عدم الاحترام الكامل للخصوصية والهوية الدينية، وبالتالي، مسألة ذوبان الأديان في بعضها ووحدة الأديان هي، حسب تعبيره، أكاذيب وتخيلات لا يمكن أن يقبل بها أحد باعتبار أن كل صاحب دين أومتدين هو متمسك بدينه ويرى أن دينه هو الصواب وأنه على الحقيقة المطلقة بالنسبة له، مستطردا أن الأخوة الإنسانية الحقيقية والتعايش الإنساني الحقيقي والتسامح الحقيقي والسلام الإنساني المنشود ركيزته الأساسية هو أن يحافظ كل شخص على هويته الدينية وأن يتمسك بخصوصية هذا الدين وأن يتقبل، في الوقت ذاته، الآخر ويتعايش معه ويتحاور معه أخذا في الاعتبار أن طريق هذه البشرية هو طريق واحد مع احتفاظ كل شخص بخصوصياته.
ويرى المتحدث أن طريق السلام هو طريق واحد يجب أن نسير فيه جميعا يدا في يد نتعارف، نتحاور، نتفاهم، نتشاور، يقف كل منا مع الآخر في آلامه وأحزانه وأفراحه، يقول محمد عبدالسلام، وفي الوقت ذاته يذهب كل منا إلى دار العبادة الخاصة به ليؤدي شعائره الدينية بتقديس وتقدير واحترام دون الحديث عن وحدة وذوبان الأديان في بعضها والتي اعتبرها دعوة للكراهية وليست دعوة للإصلاح والتسامح والأخوة.
وفي ختام حديثه، شدد المستشار محمد عبدالسلام  على أن أي دولة أو أي شخص أو أي فصيل أو أي قلب يحمل تحريضا على العنف، فهو يحمل دعوة مضادة للسلام ومؤيدة للكراهية بحيث لا يمكن لشخص يدعو أو يتمنى السلام أن يمارس العنف أو يدعو للكراهية ضد الآخر وبالتالي لا يمكن للعنف أن يجتمع مع التسامح أو يؤدي إلى السلام.

اترك رد