ليست كل الحكايات تُروى بالكلمات، وبعضها لا يكتمل إلا حين تقع بين يدي مخرج يعرف كيف يمنحها المعنى. في المشهد الفني المغربي، يبرز محمود فريطس كاسم استطاع أن يفرض حضوره بهدوء وثبات، لا من خلال الضجيج الإعلامي، بل عبر أعمال تحكي بصدق، وتُبنى بإتقان. هو واحد من القلائل الذين يجمعون بين عمق الكتابة وبصيرة الإخراج، ليقدّموا للمشاهد تجربة متكاملة، تنبع من الحكاية وتعود إليها، دون أن تفقد حسّها الإنساني أو رؤيتها الجمالية.
في زمن تتقاطع فيه التخصصات وتتشابك الأدوار داخل الصناعة السينمائية، يبرز اسم محمود فريطس كأحد أبرز الوجوه الفنية التي تجمع بين الإبداع التقني والوعي الثقافي. فريطس لا يقتصر على كتابة السيناريو، بل يشتغل أيضًا في الإخراج، ما يجعله من الأسماء القليلة في المشهد المغربي والعربي التي تقدم نموذجًا متكاملًا للفنان متعدد الكفاءات.
راكم فريطس تجارب مهمة في مجال كتابة السيناريو وإخراج الأعمال الدرامية والسينمائية، ونجح في أن يطبع بصمته الخاصة من خلال رؤيته الواقعية ومقاربته الإنسانية في تناول الشخصيات والحكايات. كما أنه يتميز، إلى جانب موهبته الفنية، بشخصية متواضعة وقريبة من الناس، وهو ما أكسبه احترام زملائه وتقدير جمهور واسع.
وقد عرفه المتابعون من خلال مشاركته في عدد من المسلسلات والسيتكومات والأفلام، حيث حرص في كل تجربة على تقديم عمل متماسك يراعي تطور الحبكة وعمق البناء الدرامي، بعيدًا عن التكرار أو السطحية.
وفي وقت تعاني فيه الساحة الفنية المغربية من ندرة الكفاءات القادرة على الجمع بين الكتابة والإخراج، يقدم محمود فريطس نموذجًا للفنان المثقف والمسؤول، الذي يسعى إلى تطوير الصناعة من الداخل، عبر إنتاجات تحترم ذكاء المتلقي وتعكس هموم المجتمع وقضاياه.
ولا يُعد حضور فريطس مجرد إضافة شكلية في المشهد الفني، بل يمثل قيمة مضافة حقيقية، تسهم في ترسيخ دراما مغربية ذات مضمون، وسينما قادرة على التعبير عن الهوية والانتماء.
في زمن يطغى فيه التسريع والإنتاج السريع، يظل محمود فريطس نموذجًا للفنان الجاد، الذي يجمع بين الكفاءة الفنية والالتزام الثقافي، ويؤكد من خلال مساره أن الاحتراف لا ينفصل عن التواضع، وأن الشغف والعمل الجاد يظلان أساس كل مشروع فني ناجح.