هل نحن العرب في مأزقِ القوة والكرامة؟
بقلم: بلحسين هشام
في زمن تتغير موازين القوى بسرعة، تتأكدُ حقيقةٌ مريرة: لا كرامة لأمة فارغة من القوة، ولا مكانة لها في سجل الحضارة إذا لم تمتلك أدواتَها الذاتية من تكنولوجيا وصناعة عسكرية متطورة. الحرب الأخيرة أكدت أن من لا يملك السماء، يصبح هدفًا على الأرض، وأن الفارق بين القوة والضعف هو الفارق بين أن تكونَ فاعلاً أو مجرد شاهد على أحداث التاريخ.
نحنُ العربُ، رغم ثرواتنا ومالنا، نبدو وكأننا نراوحُ مكاننا، نُحجمُ عن مواكبةِ التطور العلمي والتكنولوجي، ونكتفي باستيرادِ ما يُصنعُ في الخارج، بدل أن نكونَ صانعيه. العقل العربي، الذي كان يومًا منارة للفكر والإبداع، يبدو اليوم مجمدًا، عاجزًا عن اللحاق بركبِ التقدم، في ظلِّ صناعةِ الأسلحة، التكنولوجيا، والصناعات الثقيلة.
نحنُ لا نملكُ تكنولوجيا متقدمة، ولا صناعة عسكرية قادرة على حمايةِ حدودنا أو تعزيز مكانتنا الإقليمية والدولية. لذلك، أصبحنا بيادق تُحركها قوى عظمى، تُستخدمُ في مصالحها، بينما نكتفي بالمراقبة والتبعية، نستهلكُ بلا إرادة، ونموتُ بلا عزيمة، ننتظرُ أن يُنقذنا الآخرون، أو أن يُمنحنا دورًا في مسرحِ الأدوار المُعدة سلفًا.
طائرة “بي تو”، الأمريكية اصبحت رمز على مدى تطور القوة العسكرية، وهي رسالةٌ موجهةٌ لكل من يراها: نحنُ الأقوى في السماء والأرض، ونحنُ من يُخيف الحلفاء والأعداء على حدٍ سواء. فهل نحنُ راضون عن أن نكون مجرد متفرجين على هذا المشهد، أم آن الأوان لننهضَ ونُعيد بناءَ أنفسنا، لنصبحَ فاعلين، لا مجرد متلقين؟
السؤالُ يبقى: أين نحن العربُ من هذا التطور؟ هل نملكُ الشجاعةَ والوعيَ لنُغير واقعنا، أو سنظلُ أسرى تخلفنا، نُحاصرُهُ بأوهام القوة، بينما الحقيقةُ أمانينا وأحلامنا تبقى حبيسةَ الفكرِ المُجمد، والتخلفِ الممنهج؟
الجواب في يدِنا، فإما أن نُدرك أن القوة ليست فقط في المال، بل في العقلِ والتكنولوجيا، أو نُواصلُ البقاءَ بيادقَ في لعبةِ القوى الكبرى، نُحركها كما تريد، ونهدر تاريخنا وحضارتنا، ونظلُ نبحثُ عن مكان لنا في عالمٍ يتغير بسرعة، بينما نحنُ نحافظ على وضعنا الراهن، كأمةٍ فارغة من القوةِ والكرامة.