اسبانيا وقضية الصحراء.. الملك محمد السادس يقود ثورة ديبلوماسية في حشد اعترافات تاريخية بمغربية الصحراء

بالواضح – سعد ناصر

يشكل يوم 18 مارس 2022 تحولا مفصليا ويوما تاريخيا تشهده قضية الصحراء المغربية، فبعد المسيرة الخضراء التي قادها الملك الراحل الحسن الثاني تغمده الله بواسع رحمته، ها هو وارث سره جلالة الملك محمد السادس يقود ثورة ديبلوماسية وتنموية هادئة أعادت موازين القوى إلى مصلحة المملكة المغربية، حيث تابع الجميع كيف تم تدبير ملف الصحراء المغربية بتصور ينسجم وروح العصر الجديد، الذي يتسم بعمل مدروس ومنسق ومسؤول.

هو إذن يوم 18 مارس 2022 الذي قررت فيه إسبانيا على لسان رئيس حكومتها بيدرو ستنشيز في رسالة إلى جلالة الملك محمد السادس تغيير مواقف مدريد من المبادرة المغربية للحكم الذاتي والذي اعتبره الأكثر جدية وحقيقية وأساسا موثوقا لحل النزاع حول الصحراء المغربية، كما عبر عن رغبته للعاهل الكريم في التعاون لضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين.

ولم تأت هذه المواقف الاسبانية جزافا، أو أنها طفت بين يوم وليلة، بل جاء ذلك بعد مخاض وعمل دؤوب ومنسق بين البلدين، تابع أطوارها جلالة الملك محمد السادس شخصيًا حيث باشر بنفسه عملية الحوار وكذلك تطور المناقشات.

وقد أشار إلى ذلك الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب 2021 بالقول: “فقد تابعت شخصيًا ومباشرة عملية الحوار وكذلك تطور المناقشات.

لم يكن الهدف فقط إيجاد مخرج من هذه الأزمة، ولكن أيضًا اغتنام الفرصة لإعادة تحديد الأسس والمعايير التي تحكم هذه العلاقات. وبتفاؤل صادق، نعرب عن رغبتنا في مواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية ورئيسها فخامة بيدرو سانشيز، من أجل افتتاح مرحلة غير مسبوقة في العلاقات بين بلدينا. من الآن فصاعدًا، يجب أن تستند هذه إلى الثقة والشفافية والنظر المتبادل واحترام الالتزامات.”

الرؤية الملكية المتبصرة والثاقبة لم تكن من فراغ، فلقد جاء ذلك وعيا وإدراكا بمدى أهمية هذا البلد وموقعه التاريخي في قضية الصحراء، فضلا عن مدى أهمية هذا الموقف الاسباني الذي يعتبر الأكثر تقدما على المستوى الأوروبي.

كما أن الموقف الاسباني يأتي في ظل زخم دولي متزايد بمدى اقتناع المجتمع الدولي بعدالة قضية مغربية الصحراء، ابتداء بالاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب الكاملة والتامة على صحرائه، كما في مواقف الجامعة العربية ودول الخليج الواضح من مغربية الصحراء، ومرورا بافتتاح أكثر من أربع عشرين قنصلية. في مدينتي العيون والداخلة، وانتهاء، إلى حدود كتابة هذه الأسطر، بتطور موقف ألمانيا، التي أكد رئيسها، في رسالة وجهها إلى جلالة الملك، أن بلاده “تعتبر خطة الحكم الذاتي المغربية المقدمة في عام 2007 جهدًا جادًا وموثوقًا من جانب المغرب، وكذلك أساسا جيدا للتوصل إلى اتفاق” على هذا النزاع المفتعل.

موقف إسبانيا إذن سيكون له طعم خاص بالنظر إلى ما لهذا البلد الصديق من موقع هام يشكل من خلاله بوابة كبرى لاوروبا وللاتحاد الاوروبي الذي عبّر على أعلى مستوى بعبارات صريحة بلا لبس أو تأويل بعدم اعترافه بالجمهورية الوهمية، التي وبلا شك ستفتح مجالا أرحب لمزيد من المواقف المماثلة في صف الوحدة الترابية للمملكة، ولعل ما كشف عن روح هذا التوجه الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى 46 لانطلاق المسيرة الخضراء 2021 بالقول: “نحن نقدر رؤية الدعم الملموس الذي تتمتع به قضيتنا العادلة ينمو ويتوسع. إنه النتيجة الطبيعية للدعم المستمر للإدارات الأمريكية السابقة وتوضيح مساهمتها البناءة في عملية تسوية قضية الصحراء.

يؤكد هذا التوجه على الطبيعة التي لا رجوع فيها للعملية السياسية الجارية: من المقدر لها وضع حل نهائي قائم على مبادرة الحكم الذاتي، تحت السيادة المغربية. علاوة على ذلك، فإن قرار أكثر من أربع وعشرين دولة بفتح قنصلية في العيون أو الداخلة يؤكد التأييد الواسع الذي يحظى به الموقف المغربي، لاسيما في البيئة العربية الإفريقية لبلدنا”.

هي إذن ثورة ديبلوماسية وتنموية هادئة يقودها جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وتسير بخطى ثابتة وحثيثة نحو حشد مزيد من المواقف المؤيدة لمغربية الصحراء وسيادة المغرب على كافة ترابه، قوامها التعاون المتبادل بمنطق رابح رابح.

اترك رد