التعليم الخصوصي..

بقلم: يونس فنيش
خبر تفويت إعدادية عمومية إلى القطاع الخاص، إن صح طبعا، أمر عجيب صراحة، لأن الإرهاق المادي الذي يعانيه أغلبية آباء وأولياء تلاميذ المدارس الخصوصية لا يتوقف عند الواجب الشهري الذي يفوق طاقتهم في أغلب الأحيان، بل يضاف إلى ذلك ضرورة أداء مبالغ مالية أخرى من أجل دروس الدعم في مؤسسات مختصة أو لأستاذة يوفرون هذه الخدمة، وكأن المدارس الخصوصية مهمتها فقط توفير فضاء للتلاميذ وليس التدريس والتأهيل لامتحانات الباكلوريا.
والمسألة لا تتعلق في حاجة التلاميذ إلى مساعدة في المواد العلمية فقط، بل لقد بات التلاميذ لا يستطيعون مذاكرة دروسهم في المواد الأدبية أيضا. هذا يعني أن المدارس الخصوصية لا تستطيع تكوين تلاميذ يعتمدون على أنفسهم حتى في ما يتعلق باستيعاب دروس التاريخ والجغرافية، وأما اللغات والمواد الأخرى فحدث ولا حرج.
وأما المصيبة العظمى فتتجلى في تهافت آباء التلاميذ المتفوقين، شيئا ما، لتسجيل أبنائهم في دروس الدعم من أجل الحصول على أعلى معدل ممكن في الباكلوريا يمكنهم من ولوج مدارس عليا تشترط الحصول على معدلات خيالية.
سيداتي سادتي، ما هكذا سنحصل على جيل متفوق حقا وحقيقة. مازال المشكل مطروحا يحتاج إلى تفكير عميق شامل في منظومتنا التعليمية، بدأ بقضية الحق في اجتياز مباريات ولوج بعض الجامعات والمدارس العليا فقط لمن يتوفر على معدل يفوق 17/20، مثلا، في الباكلوريا. فهل المهندس الموهوب، أو الطبيب المتفوق، مثلا، هو الذي حصل على معدل عال جدا في الباكلوريا قبل 10 سنوات أو 20 سنة؟ لا طبعا، ولا داعي للخوض للمرة الألف في هذه المسألة…
فلولا بعض القوانين الداخلية المجحفة المتعلقة بولوج بعض الجامعات والمدارس المعتبرة التي تهدر طاقات واعدة موهوبة، وتحرمهم من اختيار مهنهم المستقبلية حسب إرادتهم و ميولاتهم العلمية، لما تهافت الآباء على دروس الدعم التي لا تهيء التلاميذ سوى لامتحانات معينة ولا تضيف لهم أي شيء يذكر على المستوى العلمي والمعرفي، كما أنها تجعل منهم تلاميذ متواكلين لا يستطيعون الإعتماد على أنفسهم، فكيف لهم أن يتوفقوا في حياتهم المهنية ومسؤولياتهم مستقبلا؟
دروس الدعم قد تكون ضرورية ومفيدة بالنسبة لبعض التلاميذ الذين لديهم مشكل ما في توظيف ذكائهم، علما أن جميع التلاميذ أذكياء، ولكن لا يمكن السكوت عن كون دروس الدعم أصبحت شبه مفروضة بدون فائدة حقيقية تعود على التلاميذ بنفع فعلي علمي أو معرفي.
خلاصة: لابد من تقييم جدي علمي دقيق لأداء المدرسة الخصوصية في خضم الأوضاع الإقتصادية الراهنة من أجل تحديد المسؤوليات والواجبات، مع تفسير واضح لقضية الأداء مقابل الخدمة المنجزة. والله أعلم.

اترك رد