الجزائر تتنازل عن سيادتها على أراضيها وتهب تندوف عاصمة لجمهورية الوهم

بالواضح - عبداللطيف أبوربيعة

..منذ أن تبنت الأمم المتحدة قرارها القاضي بإرسال مبعوثين عن أمينها العام للبحث عن حل للنزاع في الصحراء المغربية، تعاقب مجموعة من الممثلين الخاصين للأمين العام سعيا لإنجاح الجهود الأممية الرامية إلى حل سياسي لهذا النزاع المفتعل والقائم منذ عام 1975 لم ينجح هؤلاء لحد الساعة في حلحلة هذا الملف بسبب الجزائر سواء منهم السويسري جوهانس مانس، أو الدبلوماسي الباكستاني صاحب زاده يعقوب خان بعده إيريك جينسن، أو الأمريكي جيمس بيكر، أو الدبلوماسي الهولندي بيتر فان فالسوم والذي أكد في تقريره للأمين العام للأمم المتحدة أن طلب الانفصال والاستقلال الذي تطالب به جبهة البوليساريو هو خيار غير واقعي وغير قابل للتحقق، كما أن خيار استفتاء تقرير المصير الذي تتشبت به البوليساريو ومعها الجزائر قد أصبح متجاوزا مع مرور الزمن أو الدبلوماسي الأمريكي المثير للجدل كريستوفر روس الذي لم يكن أحسن حظا من سابقيه في حلحلة هذا الملف الشائك بسبب تصلب وتعنث الجزائر ..ومنذ أن أصدرت الأمم المتحدة أول قرار لها في شأن هذا الملف لم يعرف لحد الساعة طريقه للحل، وكان آخر قرار أصدرته الأمم المتحدة هو القرار 2602 حول ملف الصحراء المغربية والذي فضح مناورات وتحركات خصوم الوحدة الترابية للمملكة وأشار إلى آلية الموائد المستديرة بمشاركة كافة الأطراف في الحوار لإيجاد حل واقعي دائم ومتوافق بشأنه لهذا الملف، كما أكد بشكل مباشر على مسؤولية الجزائر في هذا المسلسل وشدد على أن مخطط الحكم الذاتي كآلية واقعية وذات مصداقية تقدم به المغرب تشكل أفقا وحيدا وفريدا لتسوية ملف الصحراء المغربية.
..ومواصلة لسلسلة تعيينات مبعوثين أمميين للصحراء المغربية، تم تعيين الدبلوماسي الإيطالي السويدي ستيفان دي ميستورا في محاولة جديدة من الأمم المتحدة لإيجاد حل دبلوماسي لنزاع الصحراء. هذا الأخير استهل جولته بالمنطقة بزيارة للمملكة المغربية حيث استقبله وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة بحضور السفير الممثل الدائم للمملكة بالأمم المتحدة عمر هلال. وقد جدد الوفد المغربي خلال المباحثات مع المبعوث الأممي التأكيد على أُسس الموقف المغربي كما ورد في خطابي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ45 والـ46 للمسيرة الخضراء والتي تتجلى في التزام المغرب باستئناف العملية السياسية تحت الرعاية الحصرية لهيئة الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى حل سياسي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفي إطار مسلسل الموائد المستديرة، وبحضور الأطراف الأربعة: المغرب، الجزائر، موريتانيا والبوليساريو. كما زار المبعوث الأممي ديميستورا مخيمات اللاجئين بتندوف الجزائرية، إلا أنه وفي سابقة هي الأولى من نوعها، وفي محاولة من النظام الجزائري لذر الرماد في عيون المبعوث الأممي ومعه المنتظم الدولي حتى يسود الاعتقاد أن الجزائر وكما تدعي دائما ليست طرفا في النزاع حول الصحراء بل هي تلعب دور المراقب، وبعد أن جرت العادة أن يستقبل المبعوثون الأمميون السابقون في زياراتهم لمخيمات اللاجئين بتندوف الجزائرية من طرف مسؤولين جزائريين باعتبارهم يوجدون على التراب الجزائري وهم من يصطحبوهم في جولاتهم بالمخيمات، يكشف النظام الجزائري اليوم عن ازدواجيته وتخبطه وغبائه وهو يتنازل طواعية على سيادة الجزائر على أراضيها تاركا الجمل بما حمل ومسلما مشعل السيادة على تندوف لقيادة البوليساريو من خلال السماح لها بالاستقبال الحصري لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ستيفن ديميستورا ودون حضور أي مسؤول جزائري وذلك منذ نزوله بمطار تندوف من على متن طائرة اسبانية واستقباله بقاعة المطار وأخذه في جولة بمخيمات العار، وهذا لعمري تنازل غير مسبوق على السيادة الجزائرية على أراضيها يتفتق به غباء وقلة حيلة حكام هذا البلد.. أبعد من ذلك ومما يؤكد على هذا التنازل والانبطاح الرسمي الجزائري غير المسبوق هو ما جاء في قصاصات أخبار إعلام البوليساريو والإعلام الرسمي الجزائري في تغطية زيارة المبعوث الأممي حين أكدا على أن مستقبليه من قادة البوليساريو أخذوه في زيارة لما يسمونه ولايات جمهورية الوهم وكذا متحف أسلحة القش والخردة على أرض تندوف الجزائرية، هذه الأرض التي وقع حكام الجزائر اليوم أكثر من أي وقت مضى وبالبُنط العريض، وبعد أن كانت أرض جزائرية تحتضن مخيمات اللاجئين، (وقعوا) على فقدانها لجزائريتها لصالح سيادة مرتزقة البوليساريو عليها وتهبها عاصمة لجمهورية الوهم، وقد تلقى أراضي أخرى على التراب الجزائري، لا محالة، مع مرور الزمن نفس المصير في ظل احتضان النظام الحاكم بالجزائر لهذه الجمهورية الوهمية والتي لن تجد إلا التراب الجزائري للتمدد والتوسع عليه أمام تحصين المملكة المغربية القوي لأراضيها وقطعها الطريق على مجرد تفكير المرتزقة وأطماعهم في النيل من الوحدة الترابية للمملكة الشريفة..
ختاما، ما وقع بتندوف الجزائرية والذي تجلى في استقبال المبعوث الأممي ديميستورا من طرف قادة البولساريو مدنيين وعسكريين وفي غياب تام لاصحاب الأرض المسؤولين الجزائريين وما تلى هذا الاستقبال من مصاحبة المبعوث الأممي من طرف قادة البوليساريو في زيارته لما يسمى بولايات “الدولة الصحراوية” كما جاء في التغطية الإعلامية للقناة الرسمية للبوليساريو، (ما وقع) يوحي بأن الجزائر وعلى يد حكامها العسكريين فقدت بوصلة السيادة على أراضيها وبأن قيادة البوليساريو نجحت في ما فشلت فيه مع المملكة المغربية وبسطت سيطرتها على جزء من الأراضي الجزائرية وأظهرت ما لا يدع مجالا للشك بأن الجزائر طرف رئيسي في النزاع حول الصحراء المغربية..

اترك رد