الكورونا بين دعاية أطباء أمريكا والحقيقة الطبية

بقلم: د. عادل رضا (*)
الحالة الدعائية والظهور الاعلامي الدعائي الذي جاء بأحد الفيديوهات المنتشرة حاليا بدول العالم  بخصوص وباء الكورونا والذي ظهر به عدد من الزملاء الاطباء الامريكان والذين تحدثوا حسب كلامهم عن تجربتهم الشخصية بالتعامل مع وباء الكورونا ضمن مراكزهم المحلية للرعاية الاولية بالولايات المتحدة الأمريكية والذين به روجوا لأحد الادوية ضمن تجربتهم الشخصية!؟ وايضا سخفوا وقللوا  من خطورة هذا الوباء العالمي وتأثيره المدمر على الواقع رغم ان عدد الوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها  تجاوز المائة الف نسمة!؟ وهم تكلموا دعائيا واعلاميا وروجوا كذلك لجزء من كلام الرئيس الامريكي ترامب وهو الكلام الذي ثبت مرارا وتكرارا انه خاطئ وخاصة الجزء الذي يقلل ترامب فيه من خطورة وانتشار وتأثير وباء الكورونا العالمي على الناس والدول والمجتمعات وطبعا كل ما قاله وكرره ترامب اتضح انه غير صحيح، ولكن اعادة هذا الكلام الثابت خطأه بواسطة مجموعة اطباء يمارسون بوحدات رعاية اولية وانتشار الفيديو لهم بهذا الموضوع فلذلك  اعاد هذا الكلام الدعائي على المستوى الشعبي للانتشار واخذ عدد من الناس بالاستهانة مجددا من الوقاية والابتعاد عن الحرص  وايضا ازداد  دخول الكلام السينمائي عن
“نظريات المؤامرة والحكومات الخفية!؟ المسيطرة على العالم المروجة للكورونا !؟ “
فأخذ عامة الناس والبسطاء يربطون هذا بذاك واتخذ الوضع منحنى خطير عندما تنتشر مسألة عدم الاهتمام بالتباعد الاجتماعي وعدم لبس الكمامة بشكل سليم وهذا كله يشكل خطورة على الجميع بكل أنحاء العالم.
طبعا هناك واقع اجتماعي موجود بكل دول العالم وهو احترام رأي الطبيب وتقدير ما يقوله فما بال ذلك الامر بالأحترام للرأي سيحدث له عند تجمع عدد من الأطباء واطلاقهم التأكيدات
“الخاصة بهم كأفراد او مجموعة!؟”
 وانتشار ذلك دعائيا؟
ما قيل انتشر وتم توزيعه دعائيا بكل دول العالم وخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي ولكن اين هذا الكلام من الحقيقة العلمية والواقع الطبي نفسه؟ فهو بعيد كل البعد عن الحقيقة والواقع وكلام ليس صحيح.
لماذا نقول ما نقول؟ من ان كلامهم غير صحيح وخاطئ وبعيد عن الممارسة الطبية المعتمدة حديثا.
بالبدء علينا القول ان الزملاء الأطباء الامريكان الذين تحدثوا بالفيديو هم ليسوا اصحاب شهادات اختصاص بالطب الباطني ولا بالطب الوقائي ولا اطباء اختصاص بالأمراض المعدية ولا اطباء اختصاص بالأمراض الصدرية ولا اطباء اختصاص عناية مركزة.
من تحدثوا بالفيديو المنتشر هم اطباء رعاية اولية!؟
اي يتحدثون خارج نطاق اختصاصهم المهني وهذا نقطة مهمة اريد تثبيتها ومن ثم انطلق لأقول:
فلنفترض جدلا انهم اصحاب اختصاص وشهادة معتمدة؟! وايضا الم يقل استشاري فرنسي بالأمراض المعدية ان احد الادوية يستطيع علاج الكورونا وهو نفس الدواء الذي روج له ترامب ومجموعة الأطباء بالفيديو المنتشر عالميا ؟!
لماذا سقط كلام الاستشاري الفرنسي ولماذا كلام مجموعة الأطباء الامريكان خاطئ وغير صحيح؟
بكل بساطة لأن الطب الحديث هو الطب المبني على الاحصاء الطبي الموثق والمعتمد.
اما الكلام عن تجارب شخصية وخبرة طبيب فأنها ليس لها مكان في واقع الممارسة الطبية وخاصة بما يتعلق بالتعامل مع الامراض الجديدة اذا صح التعبير.
لأن هناك مؤشرات احصائية دقيقة يجب تفعيلها بواقع العمليات الاحصائية المعقدة ضمن مراحل تجريب احصائي دوائي في نطاق عينة عددية تزداد بين مرحلة احصائية واخرى وكذلك هناك مؤشرات احصائية دقيقة مضاعفة يتم تفعيلها لضمان عدم وجود اسباب اخري سببت الشفاء كالمناعة الطبيعية او اي ادوية اخرى مصاحبة وكذلك قوة ودرجة مضمونيه الدراسة الاحصائية يتم قياسها بوسائل ضمان قوة الدراسة وابتعادها عن التأثير البشري.
وعند مرور الدواء ضمن كل هذه المراحل وايضا نقاشها والنشر بمجلات علمية محكمة تحتوي لجان مراجعة اكاديمية معتمدة يتم النشر وايضا بعدها بعد تطبيق البروتوكولات العالمية المعتمدة هذه ايضا هناك ترتيبات احصائية للمتابعة والمراجعة.
اما حضور تجمع لأطباء من هنا وهناك والكلام عن تجاربهم الشخصية فهو كلام لا يعتد به وليس معتمد ضمن الوثوق والاعتماد الاحصائي المطلوب وجوده وتفعيله للقول العلمي انه هذا الدواء او هذه الممارسة الطبية سليمة وغير مؤذية.
ولذلك كان كلام الطبيب الاستشاري الفرنسي مثير للسخرية والتهكم بين الاطباء اصحاب الاختصاص والشهادة المعتمدة  لأنه تحرك دعائيا بناءا على عينة احصائية عددية لا تتجاوز الثلاثة والعشرين شخصا وايضا استند على تجربته الشخصية وخبرته وهذا كله ممارسات غير مقبولة وغير قانونية وهذا معروف عند الاستشاريين اصحاب الاختصاص والشهادة المعتمدة.
لذلك قد نجد دراسات طبية احصائية تتناقض ضد بعضها البعض بالمراحل الأولى الابتدائية ولكنها بالدخول الى المراحل المتقدمة من العملية الاحصائية من حيث كبر العينة العددية وتفعيل مؤشرات احصائية وآليات رقابية حسابية اقوى فأن التناقض يقل رويدا رويدا اذا صح التعبير.
لذلك ما تكلم به الرئيس الامريكي ترامب سقط امام عتبة الواقع الاحصائي واصبح علميا كلام خاطئ  لا يعتد به وساقط من الناحية الطبية وكذلك نفس الأمر هو مع ما قاله طبيب فرنسي  من هنا او اطباء امريكان من هناك لأنهم تكلموا من دون دليل احصائي ونافضوا  ما تعارف عليه الواقع الطبي الحديث المستند على الدليل الاحصائي الثابت في البروتوكولات العالمية المعتمدة وهذا الاعتماد الاحصائي طويل وبه مراحل متعددة صعودا بالثبات والاستقرار الضامن لسلامة المرضى .
لذلك الكلام الدعائي الاعلامي من هنا وهناك ليس له قيمة او مكان من الاعراب بدون استناد على دليل احصائي وصل الى جميع مراحل التحقق الحسابي المعتمد.
وهذا هو الواقع الحقيقي الطبي اما الدعاية والكلام العاطفي او تجمعات اطباء بفيديوهات يقولون اي كلام خارج الدليل الطبي المبنى على الدليل الاحصائي الثابت في البروتوكولات العالمية المعتمدة فهو كلام غير صحيح وخاطئ وغير راقي لمستوي الحقيقة وهو كلام يسقط امام نقاش علمي طبي مختص لمن يحمل شهادة اختصاص وشهادة معتمدة.
 (*) طبيب باطنية وغدد صماء وسكري 
كاتب كويتي بالشئون العربية والاسلامية

اترك رد