حقيقة أم خيال

بقلم: نجية الشيظمي

وها قد دخلنا على ٢٠٢٣ و بعد شهر فقط نسمع عن مشروع عالمي تُعوَّض فيه البروتينات الحيوانية من أبقار و أغنام و ما شابهها ببروتينات حشرية، من مصدر كائنات أقل ما نقول عنها أن أشكالها مخيفة في بعض الأحيان بل و أحيانا أخرى مقززة و كل هذا لأجل إنقاذ كوكبنا من الخراب الذي ساده برا و بحرا وجوا. ولمحاسن الصدف أن هذا القرار يوازي قرار الاستمرار في تموين دولة أوكرانيا بالأسلحة لعلها تهزم روسيا و تنقذ ماء وجه أوروبا و أمريكا أمام العالم .فهل نحن حقا واعون بما يجري حولنا من تناقضات، من جهة نود الحفاظ على سلامة و صحة الكوكب، وفي نفس الوقت و من جهة أخرى كل الجهود مكرسة لأجل تدميره من خلال ما يتم صنعه من أسلحة و وسائل دمار شامل تقضي على أثر البشرية خلال كل العقود الفارطة و في لمح البصر.
من المسؤول إذن، و ما مدى و جدوى ما يمكننا المساهمة به في المحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هاته الأرض المسكينة التي عانت منا الكثير، ولن يستطيع احد منا إنكار ذلك. وقد تبدو خطوة تعويض الحيوانات بالحشرات في سبيل الحصول على البروتين خطوة لا يستهان بها على الأقل كبداية ، لذلك وجب علينا البدء في محاولة تخيل مذاق ذلك البديل، والتعود عليه، فمن يدري قد يكون أفيد للصحة من كل تلك المنتجات التي تسببت في رفع نسبة الكوليسترول و السكر في الدم، وتسببت في غيرها من الأمراض المزمنة بالإضافة إلى أسعارها التي ألهبت جيوب المستهلكين القادرين على شرائها فيما بقي الآخرون مجرد متفرجين عليهم .
البروتين ضروري ومهم بالنسبة لصحة الانسان مهما كانت مصادره، فحتى النباتيين و الذين لا يتناولون اللحوم يحصلون على البروتينات من خلال ما يتناولونه من منتجات نباتية. وفكرة إدخال الحشرات في تغذية الانسان لن تكون أسوأ من تلك الكائنات التي يدسون في طعامها وشرابها كل الهرمونات لأجل الحصول على كمية أكبر من اللحوم أو الألبان، والتي يتناولها الانسان فيما بعد عن طريق تناوله لمنتجاتها.
هكذا علينا التأقلم على كل المتغيرات التي أصبحت تحيط بنا من كل جانب، في المأكل والمشرب و الملبس و الهواء بل في كل شيء حتى ما لم نفكر فيه بعد أو يخطر لنا على بال . فلنكن على استعداد كامل لذلك لعلنا نكفر قليلا عما أذنبناه واقترفناه.

اترك رد