حياة فارغة

بقلم: نجية الشياظمي

ماذا لو غادرنا هذه الحياة قبل أن نعيش كل هذه التجارب التي تتفضل علينا بها الحياة ؟ قد يسألني أحدهم و يقول و هل كل هذا الهموم و المشاكل التي تحاصرنا كرم من عند الله من عند الحياة ؟ سأرد و أؤكد و أقول نعم ، كرم ليس مثله كرم ، دروس و دروس لم نتعمها من قبل حتى من عند أعز الناس علينا . لكن الحياة تود إلا أن تفعل ذلك لنا و معنا .
لولا كل هذا ، لكان مرورنا من هنا عاديا لا فائدة منه و لا إثارة ، كان وجودنا هنا كعدمه طالما لم نضف شيئا لهذا الوجود الذي كان ينتظر منا الكثير ، كنا سنكون أناسا عاديين جدا نمضي في صمت قاتل ، فلا ذكرى لنا و لا تأثير ، مثلنا مثل أي كائن أو ربما أقل… فالشجرة تترك بعدها ثمارا تنبت أشجارا أخرى ، و تمنح الظل للمسافر المتعب ، و الثمار للجائع و المحروم ، و الحطب لتدفئة برد ليالي الشتاء الطويلة . هذا دور الشجرة ولكل مخلوق دور سخر له و عليه القيام به .فما هو يا ترى دور الإنسان العاقل و المسؤول ؟
فكل مخلوق سُخر في هذه الحياة لرسالة معينة و ربما دون اختيار منه ، و لأن الله كرم بني آدم فقد منحه حرية الاختيار في أداء رسالته كما يحب أن يفعل ، أو حتى عدم القيام بها لو شاء ذلك .
لذلك كنا سنكون مجرد أرقام محسوبة على هذا العالم لا غير . بتاريخ ولادة و تاريخ وفاة ، و ماذا بعد ذلك…. ؟
كم من الأيام و الليالي ، و الساعات و الدقائق مضت في غفلة منا و كأنها لم تكن ولم تمض . فما فائدة كل تلك الدقات التي قامت بها قلوبنا لضخ الدم في كل عروقنا ، أكان لأجل أن نأكل و نشرب و ننام فقط ، من المؤكد أن هذا ليس هو الدور الوحيد الذي خلقنا لأجله !
كثيرا ما تحاصرنا عقولنا بالكثير من الأسئلة ، و التي يصعب علينا الإجابة عليها أحيانا و أحيانا يستحيل علينا فعل ذلك ، لكننا في النهاية ما نبرح نواجه أنفسنا بالردود التي تهربنا منها مرة و مرات ، و في الوقت المناسب نواجه أنفسنا بالحقيقة ، حقيقة جدوى أن نكون هنا في هذا الزمان و في هذا المكان بالضبط لا قبله و لا بعده و لو بدقيقة واحدة . حقيقة اختيار كل منا لدوره المناسب و الملائم له تماما ، لأن إدراكنا لهذا الأمر هو وحده ما سيمكننا من القيام بالمهمة التي أنيطت بنا ، و التي أخذنا على أنفسنا العهد بالقيام بها ، و بدون هذا الإدراك سنبقى تائهين و غير مبالين بما علينا إنجازه و العمل عليه . وقتها سنكون لا شيء !

اترك رد