كواليس مثيرة حول نهج منطق الوزيعة داخل حزب الإستقلال ضدا على مصلحة الحزب والوطن

بقلم: حسن لعروصي

ماذا حصل حين خرج حزب الاستقلال تقريبا خاوي الوفاض من مفاوضات الحكومة؟
لماذا انقض أعضاء اللجنة التنفيذية على المناصب داخل غرفتي البرلمان في خطوة انتقامية من الأمين العام والبرلمانيين ومناضلي الحزب؟
لماذا ساد منطق التحايل واللوبيات والتحالفات الآنية لكي يتم فرض أسماء منعدمة الكفاءة في مكاتب المجلسين وعلى رئاسة اللجان ضدا على رغبة البرلمانيين ودون اكتراث برأي الأمين العام؟
إنه بكل بساطة تهافت متردي ومتخلف ولا ديموقراطي على المناصب كتعويض عن الخيبة حين تم رفض استوزار أي عضو من كل أعضاء اللجنة التنفيذية.
لنفصل في الأمر. كانت اللجنة التنفيذية للحزب قد اقترحت 12 إسما جلهم أعضاء في اللجنة التنفيذية..
ولكن كفاءاتهم هي محط أكثر من علامة استفهام من أمثال خديجة الزومي ورحال المكاوي والنعم ميارة وعبد الصمد قيوح وفؤاد القادري وعبد الإلاه البوزيدي وغيرهم.
وهو ما حصل؛ حين تم تقديم أسمائهم تم رفضهم رفضا قاطعا لأن تجربتهم وكفاءتهم وقدرتهم على التدبير متدنية مقارنة مع الانتظارات وشعار “حكومة الكفاءات”.
بل إن هذا العرض أغضب أكثر من جهة.
لم يكن هناك اعتراض على نور الدين مضيان كوزير للعلاقات مع البرلمان..
ولم يكن هناك رفض لترشيح محمد زيدوح لوزارة الصحة.
ولكن هذا أمر كان سيزعج التحالف الصحراوي-السوسي (بقيادة حمدي ولد الرشيد وعبد الصمد قيوح) المدعوم من طرف عائلة القادري بيرشيد.
لأن القادري كان هدفه هو حماية مصالح العائلة ضدا على مصلحة الحزب كما وقع في برشيد والذي أدى أيضا إلى إقصاء الحزب من مقاطعات الدار البيضاء بأكملها.
لهذا عمد الأمين العام للحزب إلى اقتراح عدم استوزار أي عضو من أعضاء اللجنة التنفيذية (إذا لم يكن فيها أهل الصحراء وسوس).
ومادام أن اللجنة التنفيذية رفضت الاستعانة بأطر رابطة الاقتصاديين الاستقلالية والروابط المهنية التابعة للحزب فإن نزار بركة وجد نفسه أمام لائحة مقترحة عليه وتقريبا شبه مفروضة عليه لتفادي مقاربة الوزيعة التي يؤمن بها أعضاء اللجنة التنفيذية.
أصبح مطروحا أن يتحمل نزار بركة مهمة رئاسة مجلس النواب بالإضافة إلى محمد بنعبد الجليل في النقل ورياض مزور في الصناعة والتجارة ومضيان في العلاقات مع البرلمان وزيدوح في الصحة.
ولكن هذا كان سيغضب حمدي وأهل الصحراء وكذا قيوح والقادري المتحالفين مع آل ولد الرشيد لاقتسام الغنيمة الحكومية.
هذا ما دفع نزار بركة إلى التنازل عن رئاسة مجلس النواب ويقترح إعطاء رئاسة مجلس المستشارين إلى الحزب في شخص النعم ميارة (صهر حمدي ولد الرشيد) لامتصاص غضب حمدي والصحراويين.
لم يكن يهم لا حمدي ولا نزار ولا قيوح ولا القادري كفاءة ميارة لتدبير المجلس ولا قدراته ولا تكوينه ولا تجربته.
المهم هو إرضاء الخواطر وخلق فرص جديدة ومنها وعد قيوح بكتابة دولة وهو شيء ربما قبِله أخنوش على مضض لمعرفته بتدني قدرات قيوح التدبيرية والتواصلية كما وقع حين تحمل هذا الأخير مهمة وزراة الصناعة التقليدية في حكومة عبد الإله بنكيران في نسختها الأولى.
النتيجة هي مشاركة باهتة في الحكومة وقبول أن يتولى الأمين العام وزارة كأيها الناس وأن يتم إقصاء المناضلين إن لم يكونوا موالين لحلف الصحراء وسوس.
غير أن منطق الوزيعة والغنيمة والريع الحزبي ظهر في كل تجلياته البشعة حين تم الانتقال إلى توزيع المهام داخل المجلسين.
ذلك أنه ولإسكات المرفوضين من الاستوزار من أعضاء اللجنة التنفيذية فقد تم تنظيم عشاء في بيت حمدي ولد الرشيد بالرباط، لتقسيم الغنائم من جديد.
لأنه كيف يعقل ان تعطي المسؤولية لمن تم رفضه كوزير بل وأغضب اسمه جهات معينة؟
ثم لماذا لم تتم الاستعانة بأسماء وازنة من الفريقين لهم من التجربة والحنكة ما يؤهلهم لتحمل المسؤوليات؟
لكن يبدو أن منطق الوزيعة والولاءات لا يهتم بالكفاءة ولكن بالإرضاءات وجبر الخواطر المنكسرة على طاولة الاستوزار المريرة.
هكذا إذن تم انتخاب ميارة رئيسا لجلس المستشارين واحمد لخريف محاسبا في نفس المجلس إرضاء لحمدي وتيار الصحراء.
كما تم إعطاء رئاسة لجنة في مجلس النواب لأحد المحسوبين على عبد الصمد قيوح إرضاء لأهل سوس المتحالفين مع الحاج حمدي وتيار الصحراء.
كما تم إسناد نيابة رئيس مجلس المستشارين لفؤاد القادري وإسناد مهمة محاسب لأخيه طارق القادري بمجلس النواب رغم أن طارق القادري حديث العهد بالسياسة وبكل شيء.
لكن وقع كل هذا فقط إرضاء هذه العائلة ولإرضاء تيار برشيد المستقوي بالجديدة في شخص امبارك الطرمونية الذي ضمن لولده (الذي لا يفقه في التدبير أمرًا) رئاسة لجنة في مجلس المستشارين.
وإضافة إلى ذلك فقد تم إعطاء رئاسة فريق مجلس النواب لنور الدين مضيان (اتقاء لمناوراته ولغضباته).
وهي المهمة التي تحملها لعدة ولايات متتالية وكأنه الوحيد القادر على ذلك رغم حنكته وتجربته وقدراته التدبيرية والتواصلية.
كما تم إسناد مهمة رئاسة فريق مجلس المستشارين إلى عبد السلام اللبار (الذي لايتقن إلا بلاغة عربية ثقيلة ومملة لا غير).
وبالنسبة لنيابة رئيس مجلس النواب فقد أسندت لخديجة الرومي، والتي كانت مصدر رفض قاطع وغاضب على استوزارها لتدني كفاءاتها وقدراتها وتكوينها الفكري والعلمي.
والنتيجة هي مشاركة محتشمة بل وباهتة ومخجلة في الحكومة ووجود عناصر في مراكز التسيير والتدبير لا لشيء إلا لأنهم قريبون من تحالف حمدي-قيوح-القادري. على عينيك أبنعدي.
أما البرلمانيون المائة الآخرون وأعضاء الرابطة الاقتصادية والروابط الأخرى فليشربوا البحر.
هذا ما آلت إليه الاوضاع في حزب علال الفاسي وبوستة وبوبكر القادري وعبد الكريم غلاب وامحمد الدويري وغيرهم.
وا أسفاه!

اترك رد