ماء العينين تكتب: هل يحق للشباب تصدر المشهد السياسي بالمغرب؟

بقلم: ريم ماء العينين

بداية، علينا ان نعي سبب عزوف الشباب عن السياسة وهو ما يمكننا تلخيصه في سببين رئيسيين: الاول، البطالة والبحث عن لقمة العيش وتوفير اساسيات الحياة والاستقرار، قبل التفكير في العمل السياسي، و الثاني يتجلى في فقدان الثقة في المؤسسات الحزبية التي مارست اعمالها لفترة طويلة دون اية نتيجة تذكر.

يرى الشباب ان الاحزاب بالمغرب تعتمد على ايديولوجية ماركسية بامتياز، فهي تعبر عن شكل و طبيعة الافكار التي تعكس مصالحها و تتناقض مع طموحات و اهداف المواطن . و ينحصر دور الشباب المشارك في الاحزاب السياسية في النزول إلى الميدان، و العمل في الحملات الانتخابية كخزان احتياطي من الاصوات لوصول الانتهازيين السياسيين للسلطة، مطبقا للمقولة المغربية: ” خدم يا التاعس من سعد الناعس”.
أليس من الواجب على الكوادر السياسية و القيادات الحزبية النزول إلى الشارع و الانصات إلى المواطن البسيط و الترافع على حقه في العيش الكريم، بدل الجلوس خلف المكاتب، و السبات في قبة البرلمان و ملأ بطونهم في المناسبات الرسمية ثم مضاعفة رصيدهم البنكي.

بعد سنوات عجاف، و فشل المواطن في تغيير الافكار السياسية التقليدية ، التحق الشباب بالحقل السياسي بعد محاولة مقاطعة الانتخابات، حيث كانت الاغلبية ترفض التصويت في حين يتم اسغلال فئة لا حول لها و لا قوة لتبيع صوتها مقابل دريهمات او قفة بها مؤاد غذائية اساسية، و الاثنتان لا تكفي لاسبوع كامل. ما جعل الوجوه المنتخبة تتكرر في كل مرة.

النضال من داخل المؤسسات الحزبية، ليس بالامر الهين كما كان يظن الكثير من الشباب. فهم الان امام معركة باردة ضد من يعتبرونهم مجرد تكملة و ليس قوة فاعلة تساعد على التغيير و صياغة الافكار ثم تحويلها إلى برامج مكتوبة و منظمة، للترافع من اجلها و تطبيقها على ارض الواقع، ببساطة ان تم تقديم المشعل السياسي للشباب، سيسيطرون على المشهد السياسي بنسبة مرتفعة امام حراس المعبد . و هو ما سيجعل الاقبال على الانخراط بالعمل السياسي مرتفعا قد يكون سببا في انهاء مسيرة الكثير من شيوخ الاحزاب المسيطرين بأموالهم لا غير.

ان افضل السبل للحصول على معادلة متساوية هو الاحتكاك بين ذوي الخبرة السياسية و فئة الشباب ليُمَكِّن هذه الأخيرة من آليات المشاركة السياسية، كما سيبعث روحا جديدة بالشأن السياسي.
كذلك يجب منح الشباب حق الترشح من داخل اللائحة المحلية، ثم الرفع من عدد المقاعد بالبرلمان، فثلاثون مقعدا لفئة تمثل 61٪ من سكان البلاد هي تحقير لكفاءة الشباب في صنع القرار.
و يأتي دور الحكومة هنا، بالبحث عن وسيلة انسب لاشراك الشباب سياسيا بكل المؤسسات السياسية التي تُدَبِر شؤون الدولة.

نحن اليوم امام شباب اقدر على خوض الانتخابات اكثر من اي وقت مضى، شباب حيوي يمتلك وعيا سياسيا حادا و قادر على اكتساب حلول جديدة و الاتيان بخطط ناجعة و استراتجيات فاعلة، و ذلك بفضل الثورات التكنولوجية و تطوراتها المتسارعة، خاصة في مجال الاتصال و التواصل.
الا ان الكابوس الذي لايزال يراود الشباب هو رجال السياسة الذين يملكون زمام الأجهزة التقريرية و يتحكمون في تحديد الاختيارات و التوجهات، زد على ذلك سيادة الزبونية و المحسوبية داخل الاحزاب و غياب الديمقراطية الداخلية، و هو ما يشكل عائقا في وجه تجديد النخب و المشاريع المبتكرة للحلول، علما ان الفصل 7 من الدستور المغربي ينص على انه : تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية.

ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، يظهر لنا العديد من السياسيين المدافعين عن مصالح المواطن و خاصة الشباب، و هم في الاساس لا يعرفون بدقة الحاجيات التي تحكم تطلعات الشباب، و ترتفع التطاحنات و المشاحنات داخل القيادات الحزبية بسبب غياب منطق الكفاءة و سيطرة قانون المصلحة، فتجد قياديين يضعون شبابا في الواجهة من اجل تكميم افواه من يرون ان الشباب مقصي من مراكز صنع القرار، وهم في الحقيقة مجرد دمى يتم تحريكها بشكل يناسب مصالحهم الشخصية.

ويبقى السؤال المطروح لكل مواطن، إلى متى ستظل سياسة الريع داخل المشهد السياسي بالمغرب؟

اترك رد