14 يونيو.. لحظة الحقيقة في مواجهة الفساد بالمغرب
بقلم: سعيد عاتيق
لم تعد الجمعية المغربية لحماية المال العام مجرد فاعل مدني معزول في معركتها ضد الفساد، بل تحولت، بفضل نضالها المستمر، إلى صوت شعبي مؤثر، يوقظ الوعي الجماعي، ويدق ناقوس الخطر حول حجم الاختلالات المالية والإدارية التي تنخر مؤسسات الدولة.
منذ تأسيسها، والجمعية لا تكتفي برفع الشعارات، بل تنخرط ميدانيًا وقانونيًا في تتبع ملفات الفساد، وتقديم الشكايات، وتنظيم الحملات التحسيسية، في وقت يشهد فيه الشارع المغربي حالة من الإحباط بفعل تراجع مؤشرات الشفافية وتفشي الإفلات من العقاب.
في ظرف وجيز، استطاعت الجمعية أن تخلق “رجة عنيفة” في المشهد العام. قضايا كانت إلى وقت قريب طي الكتمان، أصبحت اليوم تتداول في الإعلام، وتناقش تحت قبة البرلمان، بل وأصبح المواطن العادي يعرف رموز الفساد بالاسم والصورة.
وقد شكلت تحركات الجمعية حجر زاوية في محاولة تفكيك منظومة الريع، وكشفت إلى أي مدى أصبح الفساد متغلغلاً في مفاصل الدولة، ومتحكماً في حياة المواطن المغربي اليومية.
لكن المفارقة الصادمة أن الحكومة، بدلاً من تفعيل آليات المحاسبة، ذهبت في اتجاه التطبيع مع الفساد، بل وحمايته أحيانًا، عبر سن قوانين تُفصَّل على مقاس المفسدين، وتبرر استمرارهم في العبث بالمال العام.
الأخطر كما يشهد الواقع جهارا وعلنا أن بعض المسؤولين الذين يفترض فيهم حماية العدالة، أصبحوا اليوم، إما متواطئين، أو متقاعسين، أو محامين غير مباشرين عن الفساد، وهو ما يضع مستقبل البلاد على المحك، ويهدد ما تبقى من ثقة بين الدولة والمجتمع.
في ظل هذه المعطيات، جاءت دعوة الجمعية المغربية لحماية المال العام لتنظيم وقفة احتجاجية .
وعليه ، فكل فئات الشعب المغربي، بكل أطيافهم السياسية والنقابية والمدنية، هي معنية بمركزية يوم السبت 14 يونيو 2025، أمام قبة البرلمان في الرباط، من أجل التأكيد على أن هذه المحطة ليست مجرد وقفة رمزية، بل لحظة فاصلة:
> “إما أن نرفع الصوت عاليًا ضد الفساد، أو نقرأ الفاتحة على مشروع الإصلاح والديمقراطية”،
14 يونيو، إذن، لن يكون مجرد تاريخ في الروزنامة السياسية، بل امتحان للضمير الجمعي، واختبار لمدى استعداد المغاربة للدفاع عن وطنهم، في مواجهة من يسعون إلى اختطافه وتبديد خيراته.
محاربة الفساد ليست مهمة جمعية واحدة، بل مسؤولية مجتمع بأكمله.
والموعد، كما يقول النشطاء، مع الحقيقة… أو اللاعودة.