الصديق العدو

بقلم: نجية الشياظمي

سؤال بسيط لكنه عميق ، و كل منا يملك جوابا مختلفا عن الآخر ، لكل منا رؤيته و استنتاجه ، و هذا في حد ذاته هو المهم ، فمن بعضنا نتعلم و نتكامل ، و كل يرى من زاوية مختلفة عن الآخر …فهذا حقه و واجبه…
و فعلا إقتحمتنا التكنولوجيا بصيحاتها المتجددة يوما بعد يوم ، هواتف… و حواسيب …و ألعاب إلكترونية و سيارات بدون سائقين….بل و شخصيات عبارة عن روبوتات تسافر و تتكلم و تناقش و تمزح …
و أصبحنا في خطر ، أصبحنا نخاف من تفوق الآلة علينا ، تكاسلنا عن القيام بالعمليات الحسابية و التي تعلمنا كيف نقوم بها ذهنيا حتى دون اللجوء إلى القلم و الورقة ، و بعد فترة وجدنا الآلات الحاسبة على مكاتبنا ، فنسينا عمليات الحساب و جدول الضرب الذي أكلنا لأجله الكثير من الضرب ….
وجدنا الهاتف يسجل كل الأرقام فنسينا حتى أرقام أقرب الناس إلينا لمجرد أن الهاتف يحفظها ، و بذلك أصبحت عضلة الذاكرة في التدهور و الضمور… فهي تشبه كل جزء في جسم الإنسان ، و الجزء الذي لا نفَعِّله و نشَغِّله يضعف و تصيبه الشيخوخة قبل الأوان .
و يبقى الإنسان هو سيد الموقف من خلال اختياراته التي يمارسها بنعمة العقل التي وهبه الله إياها ، فقد كان اختراع السيارة أيضا في الزمن القديم ، ثورة تفاءل بها الكثيرون كما تشاءم بها الكثيرون ، و ها نحن نعيش بين السيارات بمحاسنها و مساوئها ، و من أراد المحافظة على صحته خوفا من استعمال السيارة طول الوقت فإنه يعوض ذلك برياضة المشي أو أي نوع آخر من الرياضات…
و من يختار تقوية ذاكرته يعتمد عليها في إنجاز العمليات الحسابية، و حفظ أرقام التليفونات التي يود حفظها ، كلها مجرد اختيارات نقوم بها فنخرج من دائرة الحيرة التي يمكن للعديد من الأسئلة أن توقعنا فيها…
لكن الأمر الذي علينا ألا نغفل عنه هو أننا نمثل القدوة و المثل الأعلى الذي تحتدي به فلذات أكبادنا…علينا أن نحسن الاختيار و نوضح مبرراتنا و أسبابنا لهم كي يفهموا و يمارسوا هم أيضا اختياراتهم الصحيحة ، فلا شيء يأتي بالإجبار أو القوة أكثر من اللين و التفاهم ، هم جيل المستقبل ، وعليهم يعتمد تقدمه أو تأخره ، سعادته أو شقاؤه…قد تبدو الفكرة مضحكة …فيتساءل بعضنا كيف لاختيار ابني أو ابنتي أن يكون له دور في تطور هذا العالم؟؟؟
له دور و أكبر دور مهما حاولنا التنصل من المسؤولية ، و تجاهل الحقيقة التي نملك النسبة الكبيرة منها مهما حاولنا…
لنحسن اختياراتنا….

اترك رد